فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٖ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ ٱجۡتُثَّتۡ مِن فَوۡقِ ٱلۡأَرۡضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٖ} (26)

{ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ ( 26 ) }

وبدائع صنعه سبحانه الدالة على وجوده ووحدانيته ، وفي ضرب الأمثال زيادة تذكير وتفهيم وتصوير للمعاني وتقريب لها من الحس ومواعظ لمن تذكر واتعظ .

{ وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ } قد تقدم تفسيرها وتغيير الأسلوب حيث لم يقل وضرب الله مثلا كلمة خبيثة للإيذان بأن ذلك غير مقصود بالضرب والبيان { كَشَجَرَةٍ } أي كمثل شجرة { خَبِيثَةٍ } قيل هي شجرة الحنظل وقيل هي شجرة الثوم وقيل الكمأة ، وقيل الطحلبة ، وقيل هي كشوث بالضم وآخره مثلثة وهي شجرة لا ورق لها ولا عروق في الأرض .

{ اجْتُثَّتْ } أي استؤصلت واقتلعت وقطعت من أصلها ، قال المؤرج أخذت جثتها وهي نفسها وذاتها والجثة شخص الإنسان قاعدا ونائما يقال جثه قلعه واجتثه اقتلعه كأنها اجتثت وكأنها غير ثابتة بالكلية وكأنها ملقاة على وجه الأرض ومعنى { مِن فَوْقِ الأَرْضِ } أنه ليس لها أصل راسخ وعروق متمكنة من الأرض .

{ مَا لَهَا } أي لهذه الشجرة { مِن قَرَارٍ } أي من استقرار ، وقيل من ثبات لأنها ليس لها أصل ثابت تغوص في الأرض بل عروقها في وجهها ولا فرع لها صاعد إلى السماء بل ورقها يمتد على الأرض كشجرة البطيخ وثمرها رديء كما أن الكافر وكلمته لا حجة له ولا ثبات فيه ولا خير يأتي منه أصلا . ولا يصعد له قول طيب ولا عمل صالح وفي الحقيقة تسميتها شجرة مجاز لأن الشجر ماله ساق والنجم ما لا ساق له وهي من النجم فتسميتها شجرة للمشاكلة .

قال ابن عباس : الكلمة الخبيثة الشرك والشجرة الخبيثة الكافر يعني الشرك ليس له أصل يأخذ به الكافر ولا برهان ولا يقبل الله مع الشرك عملا ، وقد روى نحو هذا عن جماعة من التابعين ومن بعدهم .