{ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ ( 25 ) } .
ثم وصفها سبحانه بأنها { تُؤْتِي أُكُلَهَا } أي ثمرها { كُلَّ حِينٍ } أي كل وقت والحين في اللغة : الوقت يطلق على القليل والكثير ، واختلفوا في مقداره كما سيأتي { بِإِذْنِ رَبِّهَا } أي بإرادته ومشيئته وأمره ، قيل وهي النخلة كذلك كلمة الإيمان ثابتة في قلب المؤمن وعمله يصعد إلى السماء وتناله بركته وثوابه كل وقت .
وأخرج أحمد وابن مردويه ، قال السيوطي بسند جيد عن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( هي التي لا تنقص ورقها النخلة ) .
وأخرج البخاري وغيره من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوما لأصحابه : ( أي شجرة من الشجر لا يطرح ورقها مثل المؤمن ؟ قال فوقع الناس في شجر البوادي ووقع في قلبي أنها النخلة فاستحييت حتى قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي النخلة ) ؟{[1011]} وفي لفظ للبخاري ( أخبروني عن شجرة كالرجل المسلم لا يتحات ورقها وتؤتى أكلها كل حين ) فذكر نحوه{[1012]} .
وفي لفظ لابن جرير وابن مردويه من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( هل تدرون ما الشجرة الطيبة ثم قال هي النخلة ) وروى نحو هذا جماعة من الصحابة والتابعين ، وقيل غيرها ؛ والمراد تؤتى أكلها كل ساعة من الساعات من ليل أو نهار ، في جميع الأوقات من غير فرق بين شتاء وصيف ، قاله ابن عباس .
وقيل المراد في أوقات مختلفة من غير تعيين ، وقيل كل غدوة وعشية ، وقيل الحين هنا سنة كاملة لأن النخلة تثمر في كل سنة مرة ، وقيل كل شهر ، وقيل كل ستة أشهر قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة والحسن يعني من وقت طلعها إلى حين صرامها ، وقال علي بن أبي طالب ثمانية أشهر ، وقيل أربعة أشهر من حين ظهور حملها إلى إدراكها ، وقال سعيد بن المسيب شهران .
قال النحاس : وهذه الأقوال متقاربة غير متناقضة لأن الحين عند جميع أهل اللغة إلا من شذ منهم بمعنى الوقت يقع لقليل الزمان وكثيره . وقد ورد الحين في بعض المواضع يراد به أكثر كقوله : { هل أتى على الإنسان حين من الدهر } وقد تقدم بيان أقوال العلماء في الحين في سورة البقرة . وقال الزجاج : الحين الوقت طال أم قصر .
عن ابن عباس في قوله تعالى : { تؤتى أكلها كل حين } قال يكون أخضر ثم يكون أصفر ، وعنه قال كل حين جداد النخل ، وقد روي عن جماعة من السلف في هذا أقوال كثيرة .
ووجه الحكمة في تمثيل الإيمان بالشجر على الإطلاق أن الشجرة لا تسمى شجرة إلا بثلاثة أشياء عرق راسخ وأصل ثابت وفرع نابت ، وكذلك الإيمان لا يتم إلا بثلاثة أشياء تصديق بالقلب وقول باللسان وعمل بالأبدان والأركان وقيل غير ذلك ؛ وعن ابن عباس : الكلمة الطيبة شهادة أن لا إله إلا الله ثابت في القلب وفرعها في السماء يقول يرفع بها عمل المؤمن إلى السماء ، وقد روي نحو هذا عن جماعة من التابعين ومن بعدهم .
{ وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } أحوال المبدأ والمعاد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.