فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوۡلٗا سَدِيدٗا} (70)

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا الله } في كل أمر من الأمور { وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا } أي صوابا وحقا قال قتادة ومقاتل : يعني في شأن زيد وزينب ، ولا تنسبوا النبي صلى الله عليه وسلم إلى ما لا يحل ، وقال عكرمة : إن القول السديد : لا إله إلا الله ، وقيل : هو الذي يوافق ظاهره باطنه ، وقيل : هو ما أريد به وجه الله دون غيره ، وقيل : هو الإصلاح بين الناس ، والسديد مأخوذ من تسديد السهم ليصاب به الغرض ، والظاهر من الآية أنه أمرهم بأن يقولوا قولا سديدا في جميع ما يأتونه ويذرونه فلا يخص ذلك نوعا دون نوع ، وإن لم يكن في اللفظ ما يقتضي العموم ، فالمقام يفيد هذا المعنى لأنه أرشد سبحانه عباده إلى أن يقولوا قولا يخالف قول أهل الأذى .

وأخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن أبي موسى الأشعري قال : [ صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر ثم قال : على مكانكم اثبتوا ثم أتى الرجال فقال : إن الله أمرني أن آمركم أن تتقوا الله وأن تقولوا قولا سديدا ، ثم أتى النساء فقال : إن الله أمرني أن آمركن أن تتقن الله ، وأن تقلن قولا سديد ] ، ثم ذكر الله سبحانه ما لهؤلاء الذين امتثلوا الأمر بالتقوى والقول السديد من الأجر فقال : { يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ( 71 )