فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱلۡمُنَٰفِقَٰتِ وَٱلۡمُشۡرِكِينَ وَٱلۡمُشۡرِكَٰتِ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَٱلۡمُؤۡمِنَٰتِۗ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُورٗا رَّحِيمَۢا} (73)

{ لِيُعَذِّبَ اللهُ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ } متعلق بحملها أي حملها الإنسان ليعذب الله العاصي ويثيب المطيع وعلى هذا فجملة إنه كان ظلوما جهولا } معترضة بين الجملة ، وغايتها الإيذان بعدم وفائه بما تحمله ، قال مقاتل بن سليمان ومقاتل بن حيان : ليعذبهم بما خانوا من الأمانة وكذبوا من الرسل ونقضوا من الميثاق الذي أقروا به حين أخرجوا من ظهور آدم وقال الحسن وقتادة : هؤلاء المعذبون هم الذين خانوها ، وهؤلاء الذين يتوب الله عليهم هم الذين أدوها والالتفات إلى الاسم الجليل أولا لتهويل الخطب وتربية المهابة والإظهار في موضع الإضمار ثانيا في قوله :

{ وَيَتُوبَ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ } لإبراز مزيد الاعتناء بأمر المؤمنين توفية لكل من مقامي الوعيد والوعد حقه والله أعلم . أي يهديهم ويرحمهم بما أدو من الأمانة . قال ابن قتيبة : أي عرضنا ذلك ليظهر نفاق المنافق وشرك المشرك . فيعذبهما الله ويظهر إيمان المؤمن فيعود عليه بالمغفرة والرحمة إن حصل منه تقصير في بعض الطاعات ، ولذلك ذكر بلفظ التوبة فدل على أن المؤمن العاصي خارج من العذاب .

{ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا } أي كثير المغفرة للمؤمنين التائبين من عباده إذا قصروا في شيء مما يجب عليهم من الأمانة وغيرها حيث عفا عن فرطانهم .

{ رحِيمًا } بهم حيث أثابهم بالعفو على طاعتهم ، مكرما لهم بأنواع الكرم وقد وردت أحاديث كثيرة في الحث على الأمانة وذكر رفعها عن القلوب عند قرب الساعة فلا نطول بذكرها .