الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنۡ حَرَجٖ فِيمَا فَرَضَ ٱللَّهُ لَهُۥۖ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوۡاْ مِن قَبۡلُۚ وَكَانَ أَمۡرُ ٱللَّهِ قَدَرٗا مَّقۡدُورًا} (38)

37

وأخرج الحكيم الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي في الدلائل عن علي بن زيد بن جدعان قال : قال لي علي بن الحسين : ما يقول الحسن رضي الله عنه في قوله { وتخفي في نفسك ما الله مبديه } ؟ فقلت له . . . . فقال : لا . ولكن الله أعلم نبيه صلى الله عليه وسلم أن زينب رضي الله عنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوّجها ، فلما أتاه زيد يشكو إليه قال : اتق الله وامسك عليك زوجك فقال : قد أخبرتك أني مزوّجكها { وتخفي في نفسك ما الله مبديه } .

وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي رضي الله عنه في قوله { ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له سنة الله في الذين خلو من قبل } قال : يتزوّج من النساء ما شاء هذا فريضة وكان من الأنبياء عليهم السلام هذا سنتهم ، قد كان لسليمان عليه السلام ألف امرأة ، وكان لداود عليه السلام مائة امرأة .

وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله { سنة الله في الذين خلوا من قبل } قال : داود والمرأة التي نكحها ، واسمها اليسعية فذلك سنة الله في محمد وزينب { وكان أمر الله قدراً مقدوراً } كذلك في سنته في داود والمرأة ، والنبي صلى الله عليه وسلم وزينب .

وأخرج البيهقي في سننه عن أبي سعيد رضي الله عنه قال : لا نكاح إلا بوليّ ، وشهود ، ومهر ، إلا ما كان للنبي صلى الله عليه وسلم .

وأخرج الطبراني في سننه وابن عساكر من طريق الكميت بن يزيد الأسدي قال : حدثني مذكور مولى زينب بنت جحش قالت « خطبني عدة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ، فأرسلت إليه أخي يشاوره في ذلك قال : فأين هي ممن يعلمها كتاب ربها وسنة نبيها ! قالت : من ؟ قال : زيد بن حارثة . فغضبت وقالت : تزوّج بنت عمتك مولاك ؛ ثم أتتني فأخبرتني بذلك فقلت : أشد من قولها ، وغضبت أشد من غضبها ، فأنزل الله تعالى { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن تكون لهم الخيرة من أمرهم } فأرسلت إليه زوجني من شئت ، فزوّجني منه ، فأخذته بلساني ، فشكاني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له : اذن طلقها ، فطلقني فبت طلاقي ، فلما انقضت عدتي لم أشعر إلا والنبي صلى الله عليه وسلم وأنا مكشوفة الشعر فقلت : هذا أمر من السماء دخلت يا رسول الله بلا خطبة ولا شهادة قال : الله المزوّج ، وجبريل الشاهد » .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه في قوله { وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت . . . . } قال : بلغنا أن هذه الآية أنزلت في زينب بنت جحش رضي الله عنها ، وكانت أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأراد أن يزوّجها زيد بن حارثة رضي الله عنه ، فكرهت ذلك ثم إنها رضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فزوّجها إياه ، ثم أعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بعد أنها من أزواجه ، فكان يستحي أن يأمر زيد بن حارثة بطلاقها ، وكان لا يزال يكون بين زيد وزينب بعض ما يكون بين الناس ، فيأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمسك عليه زوجه ، وأن يتقي الله ، وكان يخشى الناس أن يعيبوا عليه ، أن يقولوا : تزوّج امرأة ابنه ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تبنى زيداً .

38