الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{ثُمَّ رَدَدۡنَٰهُ أَسۡفَلَ سَٰفِلِينَ} (5)

وأخرج الطستي عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل { ثم رددناه أسفل سافلين } قال : هذا الكافر من الشباب إلى الكبر ، ومن الكبر إلى النار . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم ، أما سمعت علي بن أبي طالب وهو يقول :

فأضحوا لدى دار الجحيم بمعزل*** عن الشعث والعدوان في أسفل السفل

وأخرج عبد بن حميد عن الضحاك { ثم رددناه أسفل سافلين } قال : إلى أرذل العمر .

وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في شعب الإِيمان عن ابن عباس قال : من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر ، وذلك قوله : { ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } قال : إلا الذين قرؤوا القرآن .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة قال : كان يقال : من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر ، ثم قرأ { لقد خلقنا الإِنسان في أحسن تقويم ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } قال : لا يكون حتى لا يعلم من بعد علم شيئاً .

وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن عكرمة { ثم رددناه أسفل سافلين } قال : الهرم ، لم يجعل فيه قوّة ما كان { لكي لا يعلم بعد علم شيئاً } [ النحل : 70 ] قال : ولا ينزل تلك المنزلة أحد قرأ القرآن ، وذلك قوله : { إلا الذين آمنوا } الآية . قال : هم أصحاب القرآن .

وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس { ثم رددناه أسفل سافلين } يقول : إلى الكبر وضعفه ، فإذا ضعف وكبر عن العمل كتب له مثل أجر ما كان يعمل في شبيبته .