فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ} (37)

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى } أي فيما ذكر من قصتهم تذكرة وموعظة { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي عقل . قال الفراء : وهذا جائز في العربية ، تقول : ما لك قلب وما قلبك معك : أي ما لك عقل وما عقلك معك ، وقيل : المراد : القلب نفسه ، لأنه إذا كان سليماً أدرك الحقائق وتفكر كما ينبغي . وقيل : لمن كان له حياة ونفس مميزة فعبر عن ذلك بالقلب ، لأنه وطنها ومعدن حياتها ، ومنه قول امرئ القيس :

أغرّك مني أن حبك قاتلي *** وأنك مهما تأمري النفس تفعل

{ أَوْ أَلْقَى السمع } أي استمع ما يقال له ، يقال : ألق سمعك إليّ : أي استمع مني ، والمعنى : أنه ألقى السمع إلى ما يتلى عليه من الوحي الحاكي لما جرى على تلك الأمم . قرأ الجمهور { ألقى } مبنياً للفاعل . وقرأ السلمي وطلحة ، والسديّ على البناء للمفعول ، ورفع «السمع » { وَهُوَ شَهِيدٌ } أي حاضر الفهم أو حاضر القلب ، لأن من لا يفهم في حكم الغائب وإن حضر بجسمه ، فهو لم يحضر بفهمه . قال الزجاج : أي وقلبه حاضر فيما يسمع . قال سفيان : أي لا يكون حاضراً وقلبه غائب . قال مجاهد وقتادة : هذه الآية في أهل الكتاب ، وكذا قال الحسن . وقال محمد بن كعب ، وأبو صالح : إنها في أهل القرآن خاصة .