تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (55)

46

المفردات :

آسفونا : أغضبونا وأسخطونا .

التفسير :

55- { فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين } .

أغضبوا الله فانتقم منهم ، وأغرقهم أجمعين ، أي : أسخطوا الله بسلوكهم وفسوقهم ، وبعدهم عن الحق ، وإتباعهم للهوى .

قال المفسرون :

اغتر فرعون بالعظمة والسلطان ، والأنهار التي تجري من تحته ، فأهلكه الله بجنس ما تكبر به هو وقومه ، وذلك بالغرق بماء البحر ، وفيه إشارة إلى أن من تعزز بشيء أهلكه الله به .

روى ابن أبي حاتم10 ، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيت الله تبارك وتعالى يعطي العبد ما يشاء ، وهو مقيم على معاصيه ، فإنما ذلك استدراج منه له ) ، ثم تلا صلى الله عليه وسلم : { فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين }11 .

وقال عمر بن عبد العزيز : وجدت النقمة مع الغفلة .

يعني قوله تعالى : { فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين } .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{فَلَمَّآ ءَاسَفُونَا ٱنتَقَمۡنَا مِنۡهُمۡ فَأَغۡرَقۡنَٰهُمۡ أَجۡمَعِينَ} (55)

{ فَلَمَّا ءاسَفُونَا } أي أسخطونا كما قال علي كرم تعالى وجهه . وفي معناه ما قيل أي أغضبونا أشد الغضب أي بأعمالهم . والغضب عند الخلف مجاز عن إرادة العقوبة فيكون صفة ذات أو عن العقوبة فيكون صفة فعل .

وقال أبو عبد الله الرضا رضي الله تعالى عنه : إن الله سبحانه لا يأسف كأسفنا ولكن له جل شأنه أولياء يأسفون ويرضون فجعل سبحانه رضاهم رضاه وغضبهم غضبة تعالى ، وعلى ذلك قال عز وجل : «من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة » وقال سبحانه : { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } [ النساء : 80 ] وعليه قيل : المعنى فلما أسفوا موسى عليه السلام ومن معه ، والسلف لا يؤولون ويقولون : الغضب فينا انفعال نفساني وصفاته سبحانه ليست كصفاتنا بوجه من الوجوه ، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تفسير الأسف بالحزن وأنه قال هنا أي أحزنوا أولياءنا المؤمنين نحو السحرة وبني إسرائيل .

وذكر الراغب أن الأسف الحزن والغضب معاً وقد يقال لكل منهما على الانفراد ، وحقيقته ثوران دم القلب شهوة الانتقام فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار غضباً ومتى كان على من فوقه انقبض فصار حزناً ، ولذلك سئل ابن عباس عنهما فقال : مخرجهما واحد واللفظ مختلف من نازع من يقوى عليه أظهره غيظاً وغضباً ومن نازع من لا يقوى عليه أظهره حزناً وجزعاً ، وبهذا النظر قال الشاعر :

فحزن كل أخي حزن أخو الغضب *** انتهى ، وعلى جميع الأقوال آسف منقول بالهمزة من أسف .

{ انتقمنا مِنْهُمْ فأغرقناهم أَجْمَعِينَ } في اليم .