55- { فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين } .
أغضبوا الله فانتقم منهم ، وأغرقهم أجمعين ، أي : أسخطوا الله بسلوكهم وفسوقهم ، وبعدهم عن الحق ، وإتباعهم للهوى .
اغتر فرعون بالعظمة والسلطان ، والأنهار التي تجري من تحته ، فأهلكه الله بجنس ما تكبر به هو وقومه ، وذلك بالغرق بماء البحر ، وفيه إشارة إلى أن من تعزز بشيء أهلكه الله به .
روى ابن أبي حاتم10 ، عن عقبة بن عامر رضي الله عنه ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا رأيت الله تبارك وتعالى يعطي العبد ما يشاء ، وهو مقيم على معاصيه ، فإنما ذلك استدراج منه له ) ، ثم تلا صلى الله عليه وسلم : { فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين }11 .
وقال عمر بن عبد العزيز : وجدت النقمة مع الغفلة .
يعني قوله تعالى : { فلما آسفونا انتقمنا منهم فأغرقناهم أجمعين } .
{ فَلَمَّا ءاسَفُونَا } أي أسخطونا كما قال علي كرم تعالى وجهه . وفي معناه ما قيل أي أغضبونا أشد الغضب أي بأعمالهم . والغضب عند الخلف مجاز عن إرادة العقوبة فيكون صفة ذات أو عن العقوبة فيكون صفة فعل .
وقال أبو عبد الله الرضا رضي الله تعالى عنه : إن الله سبحانه لا يأسف كأسفنا ولكن له جل شأنه أولياء يأسفون ويرضون فجعل سبحانه رضاهم رضاه وغضبهم غضبة تعالى ، وعلى ذلك قال عز وجل : «من أهان لي ولياً فقد بارزني بالمحاربة » وقال سبحانه : { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } [ النساء : 80 ] وعليه قيل : المعنى فلما أسفوا موسى عليه السلام ومن معه ، والسلف لا يؤولون ويقولون : الغضب فينا انفعال نفساني وصفاته سبحانه ليست كصفاتنا بوجه من الوجوه ، وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما تفسير الأسف بالحزن وأنه قال هنا أي أحزنوا أولياءنا المؤمنين نحو السحرة وبني إسرائيل .
وذكر الراغب أن الأسف الحزن والغضب معاً وقد يقال لكل منهما على الانفراد ، وحقيقته ثوران دم القلب شهوة الانتقام فمتى كان ذلك على من دونه انتشر فصار غضباً ومتى كان على من فوقه انقبض فصار حزناً ، ولذلك سئل ابن عباس عنهما فقال : مخرجهما واحد واللفظ مختلف من نازع من يقوى عليه أظهره غيظاً وغضباً ومن نازع من لا يقوى عليه أظهره حزناً وجزعاً ، وبهذا النظر قال الشاعر :
فحزن كل أخي حزن أخو الغضب *** انتهى ، وعلى جميع الأقوال آسف منقول بالهمزة من أسف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.