أخذناهم : أخذ قهر بالعذاب ، فأرسلنا عليهم الجراد والقمل والضفادع .
48- { وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أختها وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون } .
ما نُري فرعون وملأه من معجزة إلا هي أكبر من سابقتها في الحجية عليهم ، والدلالة على صحة دعوته إلى التوحيد ، مع كون التي قبلها عظيمة في نفسها ، فإن بعض الناس يتأثر ببعض الآيات أكثر من الأخرى ، وبعض الناس تأسره معجزات أخرى ، والإنسان نفسه يختلف رأيه في بعض الأوقات ، فتارة يفضل هذا ، وتارة يفضل ذاك ، مثل قولهم : رأيت رجالا بعضهم أفضل من بعض ، ومنه بيت الحماسة :
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم مثل النجوم التي يسري بها الساري
{ وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون } .
أخذناهم بالعذاب المتدرج المتكرر الذي تشتمل عليه تلك الآيات ، لعلهم يرجعون عن كفرهم ، ويثوبون إلى رشدهم ، والمراد بالعذاب هنا العذاب الدنيوي ، الذي أشار إليه قوله سبحانه : { فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آَيَاتٍ مُفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُجْرِمِينَ ( 133 ) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِنْدَكَ لَئِنْ كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ ( 134 ) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُمْ بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنْكُثُونَ ( 135 ) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ ( 136 ) } . ( الأعراف : 133-136 ) .
{ وَمَا نُرِيِهِم مّنْ ءايَةٍ } من الآيات :
{ إِلاَّ هِىَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا } أي من أية مثلها في كونها آية دالة على النبوة واستشكل بأنه يلزم كون كل واحدة من الآيات فاضلة ومفضولة معا وهو يؤدي إلى التناقض وتفضيل الشيء على نفسه لعموم آية في النفي ، وأجيب بأن الغرض من هذا الكلام أنهن موصوفات بالكبر لا يكدن يتفاوتن فيه على معنى أن كل واحدة لكمالها في نفسها إذا نظر إليها قيل هي أكبر من البواقي لاستقلالها لإفادة المقصود على التمام كما قال الحماسي :
من تلق منهم تقل لاقيت سيدهم *** مثل النجوم التي يسري بها الساري
وإذا لوحظ الكل توقف عن التفضيل بينهن ، ولقد فاضلت فاطمة بنت خرشب الأنمارية بين أولادها الكملة ربيعة الحفاظ . وعمارة الوهاب . وأنس الفوارس ثم قال : أبصرت مراتبهم متدانية قليلة التفاوت ثكلتهم أن كنت أعلم أيهم أفضل هم كالحلقة المفرغة لا يدري أين طرفاها ، وقال بعض الأجلة : المراد بأفعل الزيادة من وجه أي ما نريهم من آية الاهي مختصة بنوع من الاعجاز مفضلة على غيرها بذلك الاعتبار ، ولا ضير في كون الشيء الواحد فاضلاً ومفضولاً باعتبارين ، وقد أطال الكلام في ذلك جلال الدين الدواني في حواشيه على الشرح الجديد للتجريد فليراجع ذلك من أراده ، وفي البحر قيل : كانت آياته عليه السلام من كبار الآيات وكانت كل واحدة أكبر من التي قبلها فعلى هذا يكون ثم صفة محذوفة أي من أختها السابقة عليها ولا يبقى في الكلام تعارض ، ولا كيون ذلك الحكم في الآية الأولى لأنه لم يسبقها شيء فتكون أكبر منه ، وذكر بعضهم في الأكبرية أن الأولى تقتضي علما والثانية تقتضي علماً منضماً إلى علم الأولى فيزداد الرجوع انتهى ، والأولى ما تقدم لشيوع ارادة ذلك المعنى من مثل هذا التركيب { وأخذناهم بالعذاب } كالسنين والجراد والقمل وغيرها :
/ { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } لكي يرجعوا ويتوبوا عما هم عليه من الكفر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.