تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡۖ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (64)

61

المفردات :

قرارا : مسكنا ومستقرا تستقرّون فيه .

بناء : سقفا وقبة مضروبة عليكم .

وصوّركم : خلقكم في تناسب واستعداد لمزاولة أعباء الحياة ، فجعل للإنسان عينين ويدين ورجلين ولسانا وشفتين .

الطيبات : الحلائل والمستلذات من المطعم والمشرب ، والملبس وغيرها .

التفسير :

64- { الله الذي جعل لكم الأرض قرارا والسماء بناء وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين } .

تستمر الآيات في تعدد أنعم الله على الإنسان ، فقد خلق الأرض مستقرة لينام الإنسان عليها ، ويزرع ويتاجر ويسافر ، ويتكسب على ظهرها ، كما جعل السماء سقفا مرفوعا كالقبة المبنية ، وبارك في الأرض وقدّر فيها أقواتها ، وبارك في السماء ، وزينها بالنجوم والشموس والأقمار ، وجعل الفضاء والهواء والرياح ، والأمطار والبحار والأنهار لعمارة هذا الكون .

كما امتن على الإنسان بأن خلقه في أحسن تقويم ، وجعله منتصب القامة ، مهيأ للاستفادة بالنعم ، فخلق له للنظر عينين ، وللسمع أذنين ، وللبطش يدين ، وللمشي رجلين ، وخلق له لسانا وشفتين ، وأبدع الخلقة بقدرته ، وهو على كلّ شيء قدير ، فبين الفكّين توازن ، لو ارتفع أحدهما مقدار ورقة سيجارة ، أو تضخّم ضرس أكثر مما هو عليه ، لأدّى إلى عرقلة الكلام وتلكؤ اللسان .

{ ورزقكم من الطيبات . . . } .

ورزقكم من الحلال ، ومن لذائد المطعم والمشرب ، وما يستحق الشكر والثناء على الله الخالق الرازق .

{ ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين } .

ذلكم المتصف بهذه الصفات المذكورة ، خالق الكون والإنسان ، وهو الله ربكم وخالقكم ، الذي لا تصلح الربوبية لغيره ، فتقدس وتنزّه الله ، { ربّ العالمين } ، خالق الإنس والجن والطير والملائكة ، فتنزه الله عن صفات النقص ، وعما لا يليق به من الصاحبة والولد ، وكثرت بركاته وعطاياه فأنعم به من خالق حافظ منعم متفضل .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ٱللَّهُ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلۡأَرۡضَ قَرَارٗا وَٱلسَّمَآءَ بِنَآءٗ وَصَوَّرَكُمۡ فَأَحۡسَنَ صُوَرَكُمۡ وَرَزَقَكُم مِّنَ ٱلطَّيِّبَٰتِۚ ذَٰلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمۡۖ فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ} (64)

قوله : { اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَرَارًا } يعني من فضل الله عليكم أن جعل لكم الأرض مستقرّا ممهدا تعيشون على ظهرها وتسعون في مناكبها لتجدوا فيها معايشكم وأرزاقكم { وَالسَّمَاءَ بِنَاءً } أي رفع السماء فوقكم وزيَّنها بالكواكب ومختلف الأجرام وجعلها في تماسكها العجيب ، ومتانتها المكينة ، واتساقها المنتظم أية عظيمة تستدلون بها على عظمة الصانع القدير وعلى أنه موجِدُ الوجود .

قوله : { وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ } أي خلقكم في أحسن خلقة وجعلكم في أحسن هيئة من جمال الشكل والمنظر ، وبديع السمت والتناسق في الأجزاء والأعضاء والقسمات والمركبات { وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ } رزقكم من مختلف المطاعم والمشارب ما تتنعمون وتتلذذون .

قوله : { ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ } الذي لا تنبغي الإلهية والعبادة والإذعان إلا لجلاله ؛ فهو الخالق المالك المقتدر المنّان .

قوله : { فَتَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ } تعظم الله وتقدس في عليائه فهو خالق كل شيء وهو مالك ما في العالمين من إنس وجن وغيرهم من أجناس الخَلْق .