تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

63

73- { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ }

أي : جعلنا نار الدنيا تذكرة ، تذكّر الناس بشدة الحرارة وشدة الحريق ، حيث يتذكروا نار الآخرة ، " ونار الدنيا جزء من سبعين جزءا من نار الآخرة " . ( رواه الشيخان ) .

وَمَتَاعًا لِلْمُقْوِينَ . يعني بالمقوين : المسافرين .

وعن مجاهد : للحاضر والمسافر ، لكل طعام لا يصلحه إلا النار ، وقيل : المستمتعين من الناس أجمعين .

قال ابن كثير :

وهذا التفسير أعم من غيره ، فإن الحاضر والبادي ، من غني وفقير ، الجميع محتاجون إلى النار للطبخ ولاصطلاء والإضاءة ، وغير ذلك من المنافع .

وفي الحديث : " المسلمون شركاء في ثلاثة : الماء ، والكلأ ، والنار " xv( أخرجه أحمد ، وأبو داود ) .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

{ نحن جعلناها تذكرة } أي : تذكر بنار جهنم .

{ ومتاعا للمقوين } المتاع ما يتمتع به ويحتمل المقوين أن يكون من الأرض القواء وهي الفيافي ومعنى المقوين الذين دخلوا في القواء ولذلك عبر ابن عباس عنه بالمسافرين ويحتمل أن يكون من قولهم أقوى المنزل إذا خلا فمعناه : الذين خلت بطونهم أو موائدهم من الطعام ولذلك عبر بعضهم عنه بالجائعين .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

ولما كان الجواب قطعاً : أنت وحدك ، قال دالاًّ على ذلك تنبيهاً على عظم هذا الخبر : { نحن } أي خاصة { جعلناها } بما اقتضته عظمتنا ، وقدم من منافعها ما هو أولى بسياق البعث الذي هو مقامه فقال : { تذكرة } أي شيئاً تتذكرونه {[62213]}وتتذكرون{[62214]} به تذكراً عظيماً جليلاً عن{[62215]} كل ما أخبرنا به من البعث وعذاب النار الكبرى وما ينشأ فيها من شجرة الزقوم {[62216]}وغير ذلك{[62217]} مما ننيره لأولي البصائر والفهوم من العلوم ، قال ابن برجان : فوزان قدح الزناد من الشجر ، والزناد وزان الصيحة بهم ووزان إنشائه الأجسام وزان إنشائه الشجرة النار ، ويتذكر بإنشائها في الشجر إنشاء الحياة في الأجسام وبإنشائها من غيبها أن النار الكبرى في غيب ما نشاهده ، وهذا من آثار كونها في الجو - انتهى . وعلق بها سبحانه كثيراً من أسباب المعاش التي لا غنى عنها ليكون مذكراً لهم بما أوقدوا به حاضراً دائماً فيكون أجدر باتعاظهم { ومتاعاً } أي إنشاءً وبقاءً وتعميراً ونفعاً وإيصالاً إلى غاية المراد من الاستضاءة والاصطلاء والإنضاج والتحليل والإذابة والتعقيد والتكليس ، وهروب السباع وغير ذلك ، والمراد أنها سبب لجميع ذلك { للمقوين } أي الجياع الذين أقوت بطونهم - أي خلت - من الفقر والإغناء من النازلين بالأرض{[62218]} القواء ، والقواء بالكسر والمد أي القفر الخالية المتباعدة الأطراف البعيدة من العمران ، وكل آدمي مهيأ للقواء فهو موصوف به وإن لم يكن حال الوصف كذلك ، وقال الرازي : أقوى من الأضداد : اغتنى وافتقر ، وقال أبو حيان{[62219]} : وهذه الأربعة التي ذكرها الله تعالى ووقفهم عليها من أمر خلقهم وما به قوام عيشهم من المطعوم والمشروب ، والنار من أعظم الدلائل على البعث إذ فيها انتقال من شيء إلى شيء إحداث شيء من شيء ، ولذلك أمر في آخرها بتنزيهه - انتهى .


[62213]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[62214]:- سقط من ظ.
[62215]:- سقط من ظ.
[62216]:- من ظ، وفي الأصل: غيرك.
[62217]:- من ظ، وفي الأصل: غيرك.
[62218]:- من ظ، وفي الأصل: بأرض.
[62219]:- راجع البحر المحيط 8/ 212.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{نَحۡنُ جَعَلۡنَٰهَا تَذۡكِرَةٗ وَمَتَٰعٗا لِّلۡمُقۡوِينَ} (73)

قوله : { نحن جعلناها تذكرة } أي جعلنا هذه النار التي تورونها في الدنيا { تذكرة } أي تذكر الناس بالنار الكبرى وهي نار جهنم . فقد أنيط بنار الدنيا أكثر أسباب الحياة والمعاش ، فهي بذلك حاضرة للناس ينظرون إليها في كل حين فيتذكرون نار جهنم ليعتبروا ويتعظوا ، أو ليتذكر الناس عظيم قدرة الله وأنه لا يعز عليه إحياء الموتى وبعث الناس من قبورهم ليلاقوا الحساب يوم القيامة .

قوله : { ومتاعا للمقوين } من القواء والقي ، بكسر القاف ، يعني قفر الأرض . وأقوات الدار أي خلت من أهلها{[4449]} . أي وجعلناها منفعة للمسافرين الذين ينزلون القواء وهي الأرض القفر ، أو للذين خلت بطونهم من الطعام فجاعوا . وقيل : للمقوين يعني المستمتعين من الناس أجمعين سواء فيهم الحاضر أو المسافر ، فالجميع محتاجون للنار من أجل الطبخ والاصطلاء والاستضاءة والاستئناس وغير ذلك من وجوه المنافع .


[4449]:القاموس المحيط ص 1710.