تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} (5)

4

المفردات :

كأس : خمر ، أو زجاجة فيها خمر .

مزاجها : ما تمزج الكأس به وتحفظ .

كافورا : ماء الكافور في حسن أوصافه .

عينا : ماء عين ، أو خمر عين .

يسرب بها : يشرب منها أو يرتوى بها .

يفجرونها : يجرونها حيث شاءوا من منازلهم .

التفسير :

5 ، 6- إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافورا* عينا يشرب بها عباد الله يفجّرونها تفجيرا .

يبدأ الحديث عن النعيم الذي يلقاه الأبرار في الجنة :

إنهم يشربون خمرا حلالا طيبة ، مزاجها الكافور ، وخمر الجنة كلها لذة ومتعة ، ومع ذلك تمزج بكافور بارد أبيض طيب الرائحة ، ليكمل ريح الخمر وطعمها ويطيب ، ويمزج بماء عين يشرب منها عباد الله الصالحون ، يجرونها إلى حيث يريدون من منازلهم وقصورهم ، وينتفعون بها كما يشاءون ، ويشقّونها شقّا كما يشق النهر ويتفجر الينبوع ، فهم يشيرون إلى الماء فيسير حيث أرادوا ، ويجري حيث شاءوا من مجالسهم ومحالّهم .

يفجّرونها تفجيرا .

والتفجير : الإنباع ، فهي تنبع من المكان الذي يرغبون أن تنبع منه ، وتسير حسب رغباتهم ، زيادة في إكرامهم وإسعادهم .

قال ابن كثير :

يفجّرونها تفجيرا .

أي : يتصرفون فيها حيث شاءوا ، وأين شاءوا من قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالّهم .

وقال مجاهد :

يفجّرونها تفجيرا . يقودونها حيث شاءوا ، ويصرّفونها حيث شاءوا .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} (5)

{ إن الأبرار } بيان لجزاء الشاكرين إثر بيان جزاء الكافرين . والأبرار : جمع بر ، أو بار . والبر : المطيع المتوسع في فعل الخير . وقد ذكر الله من أوصافهم التي استحقوا بها هذه الكرامة : أنهم يوفون بالنذر ، ويخافون الآخرة ، ويواسون المساكين واليتامى والأسرى . وبين جزاءهم في الآيات التالية التي آخرها آية 22{ يشربون من كأس } أي من خمر . أو من إناء فيه خمر . وإطلاق الكأس على الثاني حقيقة ، وعلى الأول مجاز وهو المراد هنا ؛ لقوله تعالى : { كان مزاجها كافورا } والكافور : لا يمزج بالإناء ، وإنما يمزج بالخمر التي فيه . والمزاج : ما يمزج به . والكافور : طيب معروف فيه بياض وبرودة ، وله رائحة طيبة . والمراد : كان شوبها ماء يشبه الكافور في أوصافه . أو أنه تعالى جعل في خمر الجنة الأوصاف المحمودة في الكافور . وعبر عن ذلك بالمزاج على سبيل التجوز . وعن ابن عباس : كل ما ذكر في القرآن مما في الجنة وسماه ليس له من الدنيا شبيه إلا في الاسم . فالكافور والزنجيل ، والأشجار والقصور ، والمأكول والمشروب ، والملبوس والثمار ، لا يشبه ما في الدنيا إلا في مجرد الاسم . والله سبحانه وتعالى يرغب الناس ويطعمهم بأن يذكر لهم أحسن شيء وألذه وأطيبه مما يعرفونه في الدنيا ؛ لأجل أن يرغبوا ويسعوا فيما يوصلهم إلى هذا النعيم المقيم .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ يَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسٖ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا} (5)

{ الأبرار } جمع بار أو بر ومعناه : العاملون بالبر وهو غاية التقوى والعمل الصالح حتى قال بعضهم : الأبرار هم الذين لا يؤذون الذر .

{ من كأس } ذكر في الصافات معنى الكأس ومن هنا يحتمل أن تكون للتبعيض أو الابتداء الغاية . { مزاجها كافورا } أي : تمزج الخمر بالكافور ، وقيل : المعنى أنه كافور في طيب رائحته كما تمدح طعاما فتقول هذا مسك .