تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا} (26)

16

المفردات :

الأرض كفاتا : وعاء ، تضم الأحياء على ظهرها ، والأموات في بطنها .

رواسي شامخات : جبالا ثوابت مرتفعات .

ماء فراتا : حلوا عذبا .

التفسير :

28- ألم نجعل الأرض كفاتا* أحياء وأمواتا* وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناهم ماء فراتا* ويل يومئذ للمكذبين .

كفاتا : وعاء .

جعلنا الأرض وعاء لكم منها تأكلون وتشربون ، وعلى طرقها تسيرون ، وتسكنون دورها ومنازلها ، وجعل الأرض جامعة لأمر معاشكم وتجاركم وتنقلاتكم ، فهي ضامة وجامعة للأحياء على ظهرها ، وللأموات في بطنها ، حيث يدفنون في بطنها ، وتستر الأموات من رؤوسهم إلى أقدمهم .

قال تعالى : ثم أماته ، فأقبره . ( عبس : 21 ) .

أي : أسكنه القبر ، وهي نعمة أيّ نعمة .

قال الشعبي : بطنها لأمواتكم ، وظهرها لأحيائكم .

وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى : منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى . ( طه : 55 ) .

قال المفسرون : الكفت : الجمع والضمّ ، فالأرض تجمع وتضم إليها جميع البشر ، فهي كالأمّ لهم ، الأحياء يسكنون فوق ظهرها في المنازل والدّور ، والأموات يسكنون في بطونها في القبور . اه .

وجاء التنكير للتفخيم كأنه قيل : تكفت أحياء لا يعدّون على ظهرها ، وتكفت أمواتا لا يحصرون في بطنها .

وجعلنا فيها رواسي شامخات . . .

جعلنا فيها ثوابت مرتفعات ، فالجبال تثبت الأرض ، وتمسكها من الفوران بسبب الزلازل والبراكين والحمم التي بداخلها .

قال تعالى : وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم . . . ( النحل : 15 ) .

وأسقيناكم ماء فراتا .

وأسقيناكم ماء عذبا لذيذا ، والقرآن يمتن علينا بالماء والبساتين والزروع والثمار عقب ذكر الجبال .

قال تعالى : والجبال أرساها* متاعا لكم ولأنعامكم . ( النازعات : 32 ، 33 ) .

فالجبال تثبّت الأرض وتحفظ توازنها ، وإليها يلجأ العبّاد والزهاد ، والراغبون في الخلوة ، والهاربون من الحياة .

وفي قللها ورؤوسها نجد الثلوج والمياه ، مثل جبل الشيخ في سوريا الذي تعلوه طبقة بيضاء من الثلج ، تذوب في الصيف وتنزل على الوديان فتسقي الزرع ، وتفيد الإنسان والحيوان .

قال تعالى : وجعلنا من الماء كل شيء حيّ . . . ( الأنبياء : 30 ) .

فالماء في البحار وفي الأنهار ، وفي العيون والآبار ، مصدر حياة ونعمة للإنسان والحيوان والزروع وسائر الأحياء .

ويل يومئذ للمكذبين .

هلاك في يوم القيامة للمكذبين برسل الله ، والكافرين بنعم الله رب العالمين .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا} (26)

{ كفاتا أحياء وأمواتا } الكفات : الموضع الذي يكتف فيه الشيء ، أي يضم ويقبض . يقال : كفت الشيء يكفته كفتا ، ضمه وقبضه ؛ فهو اسم آلة . و " أحياء وأمواتا " مفعول لفعل محذوف ؛ أي تكفت أحياء كثيرة على ظهرها ، وأمواتا كثيرة في بطنها ؛ بمعنى تجمع وتضم . وقيل : هو جمع كفت وهو الوعاء ، والأرض أوعية باعتبار أقطارها – للأحياء والأموات . و " أحياء وأمواتا " منصوبان على المفعولية ل " نجعل " بتقدير مضاف ؛ أي ذات أحياء وأموات .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا} (26)

وفي بطنها أمواتا لا يحصرون .

   
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا} (26)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

أليس قد جعل لكم الأرض كفاتا لكم، تدفنون فيها أمواتكم وتبثون عليها أحياءكم، وتسكنون عليها فقد كفت الموتى والأحياء.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

ألم نجعل الأرض كِفاتَ أحيائكم وأمواتكم، تَكْفِت أحياءكم في المساكن والمنازل، فتضمهم فيها وتجمعهم، وأمواتَكم في بطونها في القبور، فيُدفَنون فيها.

وجائز أن يكون عُني بقوله:"كِفاتا أحْياء وأمْوَاتا "تكفت أذاهم في حال حياتهم، وجيفهم بعد مماتهم.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

فإن قلت: لم قيل أحياء وأمواتاً على التنكير، وهي كفات الأحياء والأموات جميعاً؟ قلت: هو من تنكير التفخيم، كأنه قيل: تكفت أحياء لا يعدون وأمواتاً لا يحصرون على أنّ أحياء الإنس وأمواتهم ليسوا بجميع الأحياء والأموات.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

الأرض تكفت الأحياء على ظهرها، وتكفت الأموات في بطنها...

تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي 1376 هـ :

أَحْيَاءً} في الدور، {وَأَمْوَاتًا} في القبور، فكما أن الدور والقصور من نعم الله على عباده ومنته، فكذلك القبور، رحمة في حقهم، وسترا لهم، عن كون أجسادهم بادية للسباع وغيرها.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

محلّ الامتنان هو قوله: {أحياءً} وأمَّا قوله: {وأمواتاً} فتتميم وإدماج.

{أحياء} مفعول {كِفاتاً} لأن {كفاتاً} فيه معنى الفِعل كأنه قيل كافتةً أحياءً، وقد يقولون منصوب بفعل مقدر دلّ عليه {كِفاتاً} وكل ذلك متقارب.

و {أمواتاً} عطف عليه وهو إدماج وتتميم لأن فيه مشاهدة الملازمة بين الأحياء والأموات تدلّ على أن الحياة هي المقصود من الخلقة.

وهذا تقرير لهم بالاعتراف بالأحوال المشاهدة في الأرض الدالة على تفرد الله تعالى بالإِلهية.

{أحياء} و {أمواتاً}: فائدة ذكر هذين الجَمْعين ما في معنييهما من التذكير بالحياة والموت.

وقد تصدى الكلام لإِثبات البعث بشواهد ثلاثة:

أحدها: بحال الأمم البائدة في انقراضها.

الثاني: بحال تكوين الإِنسان.

الثالث: مصير الكل إلى الأرض وفي كل ذلك إبطال لإِحالتهم وقوع البعث لأنهم زعموا استحالته فأبطلت دعواهم بإثبات إمكان البعث فإنه إذ ثبت الإِمكان بطلت الاستحالة فلم يبق إلاّ النظر في أدلة ترجيح وقوع ذلك الممكن.

وفي الآية امتنان يجعل الأرض صالحة لدفن الأموات، وقد ألهم الله لذلك ابنَ آدم حين قتَل أخاه كما تقدم ذكره في سورة المائدة، فيؤخذ من الآية وجوب الدفن في الأرض إلاّ إذا تعذر ذلك كالذي يموت في سفينة بعيدة عن مراسي الأرض أو لا تستطيع الإِرساء، أو كان الإِرساء يضر بالراكبين أو يُخاف تعفن الجثة فإنها يُرمى بها في البحر وتثقَّل بشيء لترسُب إلى غريق الماء. وعليه فلا يجوز إحراق الميت كما يفعل مَجُوس الهند، وكان يفعله بعض الرومان، ولا وضعُه لكواسر الطير كما كان يفعل مَجُوس الفرس، وكان أهل الجاهلية يتمدحون بالميت الذي تأكله السباع أو الضباع وهو الذي يموت قتيلاً في فلاة.

   
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{أَحۡيَآءٗ وَأَمۡوَٰتٗا} (26)

ولما{[70895]} كان من المعلوم أنه حذف المفعول وهو لكم ، أبدى حالة دالة أيضاً عليه فقال-{[70896]} : { أحياء } أي-{[70897]} على ظهرها في الدور وغيرها { وأمواتاً * } أي في بطنها في القبور وغيرها كما كنتم قبل خلق آدم عليه السلام .


[70895]:من ظ، وفي الأصل و ظ: لو.
[70896]:زيد من ظ و م.
[70897]:زيد من ظ و م.