ويل : هلاك وعذاب يأتيهم من النار .
27- { وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلا ذلك ظن الذين كفروا فويل للذين كفروا من النار } .
لم نخلق السماء والأرض ، والفضاء والهواء ، والكون كله باطلا وعبثا ولهوا ، بل خلقناه لحكمة ، وهي معرفة الناس لله وعبادته وطاعته ، وامتثال أمره ، واجتناب نواهيه .
قال تعالى : { وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون } . [ الذاريات : 56 ] . .
أي : ليعرفوني ويعبدوني ويطيعوني .
بأنهم خلقوا عبثا ، وسيتركون سدى ، فلا بعث ولا حشر ولا حساب ولا جزاء ، والآية ردٌّ على المشركين في إنكار البعث ، ذلك لأن هذا الكون البديع يحتاج إلى إله عادل ، والدنيا ليست دار جزاء ، فلا بد من يوم للجزاء العادل ، وإنكار هذا اليوم كفر .
{ فويل للذين كفروا من النار } .
الذين كفروا بالله ، وعزموا على هذا الكفر ، وأصروا على أنهم لو مكثوا في الدنيا خالدين لاستمرّ كفرهم بالله ، فسيكون عقابهم النار ، التي يصلون عذابها فتحرق أجسامهم ، ويأكلون الضريع والزقوم وجمر جهنم وحجارتها ، ثم يسقون من الحميم الذي يُقطّع أمعاءهم ، ويشوي وجوههم .
ولما كان التقدير : فما قضيناه في الأزل بيوم الحساب وتوعدنا به سدى ، عطف عليه قوله صارفاً الكلام عن الغيبة إلى مظهر العظمة إشارة إلى أن العظيم تأبى له عظمته غير الجد العظيم : { وما خلقنا } أي على ما لنا من العظمة ، ويجوز أن تكون الجملة حالية . ولما كان السياق لما وقع منهم من الشقاق عناداً لا جهلاً ، ذكر من السماوات ما لا يمكن النزاع فيه مع أن اللفظ للجنس فيشمل الكل فقال : { السماء } أي التي ترونها { والأرض وما بينهما } مما تحسونه من الرياح وغيرها خلقا { باطلاً } أي لغير غاية أردناها بذلك من حساب من فيهما كما يحاسب أقل من فيكم إجزاء ، ومجازاة من فيهما بالثواب لمن أطاع والعقاب لمن عصى كما يفعل أقل ملوككم فإن أدنى الناس عقلاً لا يبني بناء ضخماً إلا لغاية أرادها ، وتلك الغاية هي الفصل بين الناس الذين أعطيناهم القوى والقدر في هذه الدار ، وبثثنا بينهم الأسباب الموجبة لانتشار الصفاء فيهم والأكدار ، وأعطيناهم العقول تنبيهاً على ما يراد بهم ، وأرسلنا فيهم الرسل ، وأنزلنا إليهم الكتب ، بالتعريف بما يرضينا ويسخطنا ، فنابذوا كل ذلك فلو تركناهم بلا جمع لهم ولا إنصاف بينها لكان هذا الخلق كله باطلاً لا حكمة فيه أصلاً ، لأن خلقه للضر أو النفع أو لا لواحد منهما ، والأول باطل لأنه غير لائق بالرحيم الكريم ، والثالث باطل لأنه كان في حال العدم كذلك ، فلم يبق للإيجاد مرجح ، فتعين الوسط وهو النفع ، وهو لا يكون بالدنيا لأن ضرها أكثر من نفعها ، وتحمل ضر كثير لنفع غير لائق بالحكيم الكريم ، فتعين ما وقع الوعد الصادق به من نفع الآخرة المطابق لما ذكر من عقل العقلاء وسير النبلاء .
ولما كان هذا - وهو منابذة الحكمة - عظيماً جداً ، عظمه بقوله : { ذلك } أي الأمر البعيد عن الصواب { ظن الذين كفروا } أي من أوقع هذا الظن في وقت ما ، فقد أوجد الكفر لأنه جحد الحكمة التي هي البعث لإظهار صفات الكمال والمجازاة بالثواب والعقاب ، ومن جحد الحكمة فقد سفه الخالق ، فكان إقراره بأنه خالق كلا إقرار فكان كافراً به ، ثم سبب عن هذا الظن قوله : { فويل } أي هلاك عظيم بسبب هذا الظن ، وأظهر في موضع الإضمار تعميماً وتعليقاً للحكم بالوصف فقال : { للذين كفروا } أي مطلقاً بهذا الظن وبغيره { من } أي مبتدأ من { النار * } أي الحكم عليهم بها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.