السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَمَا خَلَقۡنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلۡأَرۡضَ وَمَا بَيۡنَهُمَا بَٰطِلٗاۚ ذَٰلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ فَوَيۡلٞ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ} (27)

{ وما خلقنا السماء } التي ترونها { والأرض وما بينهما } أي : مما تحسون به من الرياح وغيرها خلقاً { باطلاً } أي : عبثاً قال الله تعالى : { أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون } ( المؤمنون : 115 ) .

تنبيه : احتج أهل السنة بأن هذه الآية تدل على أنه تعالى خلق كل ما بين السماء والأرض وأعمال العباد مما بين السماء والأرض فوجب أن يكون تعالى خالقاً لها ، ودلت على صحة القول بالحشر والنشر لأنه تعالى لما خلق الخلق في هذا العالم فإما أن يكون خلقهم للإضرار والانتفاع أو لا لشيء ، والأول باطل لأن ذلك لا يليق بالرحيم الكريم ، والثالث أيضاً باطل ، لأن هذه الحالة حاصلة خالصة حين كانوا معدومين فلم يبق إلا أن يقال : خلقهم للانتفاع وذلك الانتفاع إما أن يكون في حياة الدنيا أو في حياة الآخرة . والأول باطل لأن منافع الدنيا قليلة ومضارها كثيرة وتحمل الضرر الكثير لوجدان المنفعة القليلة لا يليق بالحكمة ، ولما بطل هذا القول ثبت القول بوجود حياة بعد هذه الحياة الدنيا وذلك هو القول بالحشر والنشر والقيامة .

تنبيه : يجوز في باطلاً أن يكون نعتاً لمصدر محذوف أو حالاً من ضميره أي : خلقاً باطلاً وأن يكون حالاً من فاعل خلقنا أي : مبطلين أو ذوي باطل وأن يكون مفعولاً من أجله أي : للباطل وهو العبث { ذلك } أي : خلق ما ذكر لا لشيء { ظن الذين كفروا } أي : أهل مكة هم الذين ظنوا أنهما خلقا لغير شيء وأنه لا بعث ولا حساب { فويل } أي : هلاك عظيم بسبب هذا الظن أو واد في جهنم { للذين كفروا } أي : مطلقاً بهذا الظن وغيره من أي شرك كان { من النار } لأن من أنكر الحشر والنشر كان شاكاً في حكمة الله تعالى في خلق السماوات والأرض .