تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{لَخَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (57)

تأمل ودعاء

{ لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون 57 وما يستوي الأعمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ولا المسيء قليلا ما تتذكرون 58 إن الساعة لآتية لا ريب فيها ولكن أكثر الناس لا يؤمنون 59 وقال ربكم ادعوني استجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين 60 }

57-{ لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون } .

كان الكفار ينكرون البعث والحشر والحساب والجزاء ، ويستبعدون الإحياء بعد موت الناس وتحلل أجسامهم ، مع اعترافهم بأن خالق السماوات والأرض هو الله ، فيعترفون بالأعظم ويستبعدون الأقلّ ، فذكّرهم القرآن الكريم بأن من قدر على خلق السماء والأرض ، والجبال والبحار والأنهار وسائر الأكوان ، من قدر على خلق هذا الكون البديع المشاهد أمامك ، يكون أقدر عليه أن يعيد خلق الناس مرة أخرى يوم القيامة .

قال تعالى : { أو لم يروا أن الله الذي خلق السماوات والأرض ولم يعي بخلقهن بقادر على أن يحيي الموتى بلى إنه على كل شيء قدير } . ( الأحقاف : 33 ) .

وقال تعالى : { أوليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم * إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } . ( يس : 81 ، 82 ) .

{ ولكن أكثر الناس لا يعلمون } .

ولكن أكثر الناس من الكفرة والمشركين لا يعلمون ذلك ، ولا يتدبرونه ولا يتأملون ما فيه لفرط غفلتهم وإتباعهم لأهوائهم .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{لَخَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (57)

ثم بين الله تعالى للناس وضعهم في هذا الكون الكبير ، وضآلتهم بالقياس إلى بعض خلْق الله حتى يعلموا حقيقتهم ، فيقول :

{ لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ }

هذا ما يفهمه أصحاب العقول المدركة ، فان إعادة خلْق الإنسان أهونُ بكثير من ابتداء خلقه ، ومن خلْق هذا الكونِ العجيب . إن قدرةَ الله لا تُحَدّ ، فأين الإنسان من هذا الكون الهائل ؟ .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{لَخَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (57)

" لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس " مبتدأ وخبره . قال أبو العالية : أي أعظم من خلق الدجال حين عظمته اليهود . وقال يحيى بن سلام : هو احتجاج على منكري البعث ، أي هما أكبر من إعادة خلق الناس فلم اعتقدوا عجزي عنها ؟ . " ولكن أكثر الناس لا يعلمون " أي لا يعلمون ذلك .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{لَخَلۡقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ أَكۡبَرُ مِنۡ خَلۡقِ ٱلنَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا يَعۡلَمُونَ} (57)

قوله تعالى : { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ( 57 ) } .

ذلك تنبيه من الله على حقيقة كونية مذهلة ، وهي زوال الدنيا وفناء العالمين وقيام الساعة ليقوم الناس للحساب والجزاء . وهذه حقيقة أساسية مركوزة في صميم العقيدة الإسلامية ؛ بل هي ركن أساسي ركين أجمعت عليه الأديان السماوية كافة وجاء بها النبيون والمرسلون . فما يكذِّب بهذه الحقيقة الركينة الكبرى إلا كل خاسر ظلوم أو غافل تائهٍ جهول قد أودى بنفسه في الأذلين الأخسرين والله جل وعلا يؤكد على حقيقة القامة تأكيدا ؛ إذ يبين للناس أن بعث العالمين وإحياء الموتى للحساب أمر هين يسر على الله ، بل ذلك أهون على الله م خلق هذا الكون الهائل المثير . وهو قوله سبحانه : { لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ } كلا المصدري وهما : خلق السماوات والأرض ، وخلق الناس ، مضاف لمفعوله ، والفاعل محذوف وهو لفظ الجلالة{[4027]} والمعنى : أن خَلْقَ الله تعالى السماوات والأرض أعظم من خَلْقِهِ الناس ؛ لأن الناس بالنسبة إلى السماوات والأرض وما فيهما من الخلائق والأجرام العظام كأنهم لا شيء . والمراد من ذلك : أن من قدر على خلق الخلائق العظام والأجرام الهائلة الجسام لهو أقدر على خلق ما هو دو ذلك مما هو بالغ الهوان والبساطة .

قوله : { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أكثر الناس ضالون غافلون عن هذه الحقيقة المبيَّنة في الآية فهم سادرون في الغفلة والعِماية ، لاهون عن التفكر في جلال الله وفي عظيم شأه وجبروته .


[4027]:الدر المصون ج 9 ص 492