قوله تعالى : { لَخَلْقُ السماوات والأرض أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ الناس } المصدران مضافان لمفعولهما ، والفاعل محذوف ، وهو الله تعالى .
ويجوز أن يكون الثاني مضافاً للفاعل أي أكبر مما يخلقه الناسُ ، أي يصنعونه .
ويجوز أن يكون المصدران واقعين موقع المخلوق ، أي مخلوقهما أكبر من مخولقهم ، أي جرمهما أكبر من جرمهم{[48349]} .
اعلم أنه تعالى لما وصف جدالهم في الآيات بأن بغير سلطان ولا حجة ، ذكر لهذا مثلاً ، فقال : لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس والقادر على الأكبر قادر على الأقلّ لا محالة . وتقرير هذا الكلام أن الاستدلال بالشيء على غيره ينقسم ثلاثة أقسام :
أحدها : أن يقال : لما قدر على الأضعف ، وجب أن يقدر على الأقوى وهذا فاسد .
( وثانيها : أن يُقَال : لما قدر على الشيء قدر على مِثْلِهِ ، فهذا استدلال صحيح لما ثبت في الأصول : أن حكم الشيء حكم مثله ){[48350]} .
وثالثها : أن يُقَالَ : لما قدر على الأقوى الأكمل ( فَبِأَنْ ){[48351]} يقدر على الأقل الأرذل كان أولى . وهذا استدلال في غاية الصحة والقوة ، ولا يرتاب فيه عاقل البتةَ . ثم إن هؤلاء القوم يسلمون أن خالق السمواتِ والأرضِ هو الله سبحانه وتعالى ويعملون بالضرورة أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ، وكان من حقهم أن يقروا بأن القادر على خلق السموات والأرض يكون قادراً على إعادة الإنسان الذي خلقه أولا فهذا برهان كلي في إفادة هذا المطلوب .
ثم إن هذا البرهان على قوته صار بحيث لا يعرفه أكثر الناس ، والمراد منه الذين ينكرون الحشر والنشر . فظهر بهذا المثال أنَّ هؤلاء الكفار يجادلون في آيات الله بغير سلطان ولا حجة بل بمجرد الحَسَدِ والكِبْر والغَضَب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.