تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ} (79)

77

79- { قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } .

قل أيها الرسول لهذا السائل القائل : { من يحي العظام وهي رميم } . قل له : يحيها الذي خلقها أول مرة ، ولم تكن شيئا ، وهو العليم بالعظام وأين تفرقت في سائر أقطار الأرض ، وأين ذهبت ؟ لا يخفى عليه شيء من أمر خلقه ، وهو القدير على جمع هذا الرفات وبعث الحياة فيه .

قال تعالى : { كما بدأنا أول خلق نعيده . . . } [ الأنبياء : 104 ] .

وكان الفارابي الفيلسوف المسلم يقول : وددت لو أنّ أرسطو وقف على القياس الجلي في قوله تعالى : { قل يحييها الذي أنشأها أول مرة . . . } " وهو الله تعالى ، أنشأ العظام وأحياها أوّل مرة ، وكل من أنشأ شيئا أولا قادر على إنشائه وإحيائه ثانيا ؛ فيلزم أن الله عز وجل قادر على إنشائها وإحيائها بقواها ثانيا " . ا ه .

{ وهو بل خلق عليم } .

وهو بكل مخلوق واسع العلم ، ولهذا يعلم من كل إنسان صفاته التي كان عليها في الدنيا ، وتفاصيل أجزائه وأوضاعها ؛ فيعيد كل ذلك على النمط الذي كان عليه .

قال تعالى : { كما بدأكم تعودون } . [ الأعراف : 29 ] .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ} (79)

ثم أمر الله تعالى رسوله الكريم أن يقول لهم : { قُلْ يُحْيِيهَا الذي أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } : فالذي خلق هذا الخلق من البدء قادرٌ على إحيائه بعد موته .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{قُلۡ يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ وَهُوَ بِكُلِّ خَلۡقٍ عَلِيمٌ} (79)

" قل يحييها الذي أنشأها أول مرة " قيل : إن هذا الكافر قال للنبي صلى الله عليه وسلم : أرأيت إن سحقتها وأذريتها في الريح أيعيدها الله ! فنزلت : " قل يحييها الذي أنشأها أول مرة " أي من غير شيء فهو قادر على إعادتها في النشأة الثانية من شيء وهو عجم الذنب . ويقال عجب الذنب بالباء . " وهو بكل خلق عليم " عليم كيف يبدئ ويعيد .

الثانية- في هذه الآية دليل على أن في العظام حياة وأنها تنجس بالموت . وهو قول أبي حنيفة{[13235]} وبعض أصحاب الشافعي . وقال الشافعي رضي الله عنه : لا حياة فيها . وقد تقدم هذا في " النحل " . فإن قيل : أراد بقوله " من يحي العظام " أصحاب العظام وإقامة المضاف مقام المضاف إليه كثير في اللغة ، موجود في الشريعة . قلنا : إنما يكون إذ احتيج لضرورة وليس ها هنا ضرورة تدعو إلى هذا الإضمار ، ولا يفتقر إلى هذا التقدير ، إذا الباري سبحانه قد أخبر به وهو قادر عليه والحقيقة تشهد له ؛ فإن الإحساس الذي هو علامة الحياة موجود فيه . قاله ابن العربي .


[13235]:هذا يخالف مذهب الحنفية وما تقدّم للمؤلف في ج 10 ص 155 من أن أبا حنيفة يقول بطهارة عظم الميتة.