تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (10)

9

المفردات :

فانتشروا : تفرّقوا للتصرف في حوائجكم .

وابتغوا : واطلبوا .

التفسير :

10- { فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } .

إذا أدّيتم صلاة الجمعة ، وقمتم بأداء هذه الفريضة الأسبوعية ، من سماع الخطبة وصلاة الجمعة ، فأمامكم متسع من الوقت للسعي في الأرض بالتجارة أو الزراعة ، أو تلقي العلم ، أو سائر صنوف المعاش ، وخلال عملكم بعد صلاة الجمعة اذكروا الله ذكرا كثيرا ، فإن ذلك سبيل الفلاح والسعادة في الدارين ، ونص هنا على ذكر الله ذكرا كثيرا ، حتى لا تستولي الدنيا بمشاغلها على القلب ، فعلى العبد أن يتعمد ذكر الله وهو في قلب عمله ، راغبا في طاعة الله تعالى وذكره وشكره .

قال تعالى : { يأيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا*وسبحوه بكرة وأصيلا } . ( الأحزاب : 41-42 ) .

وجاء في تفسير القرطبي وتفسير ابن كثير وغيرهما ، أنّ عراك بن مالك كان إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد ، فقال : اللهم إني قد أجبت دعوتك ، وصليت فريضتك ، وانتشرت كما أمرتني ، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (10)

فإذا قضِيت الصلاة : أُدّيت وانتهت .

فانتشِروا : تفرقوا في طلب الرزق والعمل .

فإذا أديتم الصلاة فتفرقوا في الأرض لمتابعة أعمالكم ومصالحكم الدنيوية التي فيها معاشُكم ، واطلبوا من فضلِ الله ما تشاؤون من خَيري الدنيا والآخرة ، واذكُروا الله بقلوبكم وألسنتِكم كثيراً ، لعلّكم تفوزون بالفلاح في الدنيا والآخرة .

هذا هو روح الإسلام : الجمعُ بين المحافظة على الجسم والروح معا ، وهذا هو التوازن الذي يتّسم به الدين الإسلامي ، كما جاء في قوله تعالى : { وابتغ فِيمَآ آتَاكَ الله الدار الآخرة وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدنيا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ الله إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ الفساد فِي الأرض إِنَّ الله لاَ يُحِبُّ المفسدين } [ القصص : 77 ] . هل هناك أجملُ وأحلى من هذا الكلام ؟ .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (10)

{ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ } لطلب المكاسب والتجارات ولما كان الاشتغال في التجارة ، مظنة الغفلة عن ذكر الله ، أمر الله بالإكثار من ذكره ، فقال : { وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا } أي في حال قيامكم وقعودكم وعلى جنوبكم ، { لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } فإن الإكثار من ذكر الله أكبر أسباب الفلاح .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (10)

قوله عز وجل : { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض } أي إذا فرغ من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتصرف في حوائجكم ، { وابتغوا من فضل الله } يعني الرزق وهذا أمر إباحة ، كقوله : { وإذا حللتم فاصطادوا }( المائدة-2 ) قال ابن عباس : إن شئت فاخرج وإن شئت فاقعد وإن شئت فصل إلى العصر ، وقيل : فانتشروا في الأرض ليس لطلب الدنيا ولكن لعيادة مريض وحضور جنازة وزيارة أخ في الله . وقال الحسن وسعيد بن جبير ومكحول : { وابتغوا من فضل الله } هو طلب العلم . { واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون } .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (10)

قوله تعالى : " فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض " هذا أمر إباحة ، كقوله تعالى : " وإذا حللتم فاصطادوا{[14992]} " [ المائدة : 2 ] . يقول : إذا فرغتم من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتصرف في حوائجكم . " وابتغوا من فضل الله " أي من رزقه . وكان عراك بن مالك إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال : اللهم إني أجبت دعوتك ، وصليت فريضتك ، وانتشرت كما أمرتني ، فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين . وقال جعفر بن محمد في قوله تعالى : " وابتغوا من فضل الله " إنه العمل في يوم السبت . وعن الحسن بن سعيد بن المسيب : طلب العمل . وقيل : التطوع . وعن ابن عباس : لم يؤمروا بطلب شيء من الدنيا ، إنما هو عيادة المرضى وحضور الجنائز وزيارة الأخ في الله تعالى . " واذكروا الله كثيرا " أي بالطاعة واللسان ، وبالشكر على ما به أنعم عليكم من التوفيق لأداء الفرائض . " لعلكم تفلحون " كي تفلحوا . قال سعيد بن جبير : الذكر طاعة الله تعالى ، فمن أطاع الله فقد ذكره ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن كان كثير التسبيح . وقد مضى هذا مرفوعا في " البقرة{[14993]} " .


[14992]:راجع جـ 6 ص 44.
[14993]:راجع جـ 2 ص 171.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (10)

ولما حث على الصلاة{[65360]} وأرشد إلى أن{[65361]} وقتها لا يصلح لطلب شيء غيرها ، وأنه متى طلب فيه شيء من الدنيا محقت بركته مع ما اكتسب من الإثم ، بين وقت المعاش{[65362]} فقال مبيحاً لهم ما كان حظر عليهم ، ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما{[65363]} : إن شئت فاخرج وإن شئت فاقعد : { فإذا قضيت الصلاة } أي وقع الفراغ منها على أي وجه كان { فانتشروا } أي فدبوا وتفرقوا مجتهدين في الأرض في ذلك { في الأرض } جميعها{[65364]} إن شئتم ، لا حجر عليكم ولا حرج رخصة من الله لكم { وابتغوا } أي وتعمدوا وكلفوا أنفسكم مجتهدين بالسعي{[65365]} في طلب المعاش { من فضل الله } أي نافلة الملك الأعلى الذي له كل كمال ولا يجب {[65366]}لأحد عليه{[65367]} شيء بالبيع والشراء وغيرهما من مصالح الدين والدنيا التي كنتم نهيتم عنها .

ولما كان السعي في طلب الرزق ملهياً عن الذكر ، بين أنه أعظم السعي في المعاش وأن من غفل عنه لم ينجح له {[65368]}مقصد و{[65369]}إن تحايل له بكل الحيل وغير ذلك فقال : { واذكروا الله } أي الذي بيده كل شيء ولا شيء لغيره فإنه لا رخصة في ترك ذكره أصلاً . ولما كان العبد مطلوباً بالعبادة في كل حال فإنه مجبول على النسيان . فمهما فتر عن نفسه استولت عليها{[65370]} الغفلة فمرنت على البطالة فهلكت قال : { كثيراً } أي بحيث لا تغفلوا عنه بقلوبكم{[65371]} أصلاً ولا بألسنتكم حتى عند الدخول إلى الخلاء وعند أول الجماع وعند الإنزال ، واستثنى من اللساني و{[65372]}قت التلبس بالقذر كالكون في قضاء الحاجة .

ولما كان مراد الإنسان من جميع تصرفاته الفوز بمراداته{[65373]} قال معللاً لهذا الأمر : { لعلكم تفلحون * } أي لتكونوا عند الناظر لكم والمطلع عليكم من أمثالكم{[65374]} ممن يجهل العواقب على رجاء من أن تظفروا بجميع مطلوباتكم ، فإن الأمور كلها بيد من تكثرون ذكره ، وهو عالم بمن يستحق الفلاح فيسعفه به وبمن عمل رياء ونحوه فيخيبه ، فإذا امتثلتم أمره كان جديراً بتنويلكم ما تريدون ، وإن نسيتموه كنتم جديرين{[65375]} بأن يكلكم إلى أنفسكم فتهلكوا .


[65360]:- زيد في الأصل وظ: والرشد، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[65361]:- زيد من ظ وم.
[65362]:- من ظ وم، وفي الأصل: المعايش.
[65363]:- راجع معالم التنزيل 7/ 78.
[65364]:- من م، وفي الأصل وظ: جمعيا.
[65365]:- من م، وفي الأصل وظ: في السعي.
[65366]:- من ظ وم، وفي الأصل: عليه لأحد.
[65367]:- من ظ وم، وفي الأصل: عليه لأحد.
[65368]:- من ظ وم، وفي الأصل: مقدر.
[65369]:- من ظ وم، وفي الأصل: مقدر.
[65370]:- من م، وفي الأصل وظ: عليه.
[65371]:- من ظ وم، وفي الأصل: بقلوكم.
[65372]:- زيد من ظ وم.
[65373]:- من ظ وم، وفي الأصل: بمرادته.
[65374]:- من م، وفي الأصل وظ: أفعالكم.
[65375]:- من م، وفي الأصل وظ: جديرون.