تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلَوٰةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَٱبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِ ٱللَّهِ وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا لَّعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ} (10)

الآية 10 وقوله تعالى : { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } قال ، رحمه الله : خرج هذا في الظاهر مخرج الأمر ، ولكن في حكم الإباحة عندنا ، لأن هذا أمر خرج على إثر الحظر ، والأصل الجمع عليه عندهم أن كل أمر خرج على إثر الحظر فهو في حكم الإباحة ، وما خرج مخرج الإباحة فإن الحكم فيه ينصرف على تصرف الأحوال .

فإن كانت الحالة توجب فرضا{[21234]} كان فرضا ، وإن كانت توجب واجبا فواجب ، وإن أدبا فأدب .

والدليل على أن كل أمر خرج على إثر حظر ، فهو في حق الإباحة قوله تعالى : { وإذا حللتم فاصطادوا } [ المائدة : 2 ] وقوله : { فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله } [ البقرة : 222 ] ولم يكن ذلك محمولا على الأمر الحتم الذي لا يجوز تركه ، ولكن على إباحة الاصطياد ، أي اصطادوا إن شئتم ، وأتوهن إن أردتم . فكذلك يجوز أن يكون المعنى من قوله : { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض } إن أردتم أو إن شئتم ، والله المستعان .

وقوله تعالى : { وابتغوا من فضل الله } يعني التجارة والكسب ؛ كان البيع كأنه ينتظم ابتغاء فضل الله ، لكن قال في ما خرج [ مخرج ]{[21235]} الإذن والإطلاق : { وابتغوا من فضل الله } وقال في ما نهى عن ذلك : { وذروا البيع } وإن كان المراد منهما جميعا البيع ، لأنه كان يقبح أن يقول : وذروا ابتغاء فضل الله ، ولأن ابتغاء الفضل يتضمن البيع وغيره ، فلا يستقيم أن يقال : وذروا ابتغاء فضل الله ، فقال ههنا : { وذروا البيع } ليلحقه النهي خاصة .

وأما الإطلاق والأذن فإنه يستقيم في البيع وغيره ، فقال : { وابتغوا من فضل الله } والله المستعان .

وقوله تعالى : { واذكروا الله كثيرا } يحتمل وجهين :

أحدهما : اذكروا الله كثيرا بألسنتكم وقلوبكم .

والثاني : اذكروا الله بالإقبال على الطاعات التي فيها تحقق ذكر الله .

وقوله تعالى : { لعلكم تفلحون } له أوجه :

أحدها : على رجاء الفلاح . والثاني : أي لكي تفلحوا . والثالث : على قطع وجوب الفلاح إذا فعل ذلك بما قالوا : إن لعل وعسى من الله واجب .


[21234]:في الأصل وم: فرضه ؟
[21235]:ساقطة من الأصل وم.