{ فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثير لعلكم تفلحون ( 10 ) } .
لا يريد الله منكم أهل الإيمان إذا سعيتم إلى المساجد أن تظلوا بها ولا تبرحوا ، كلا ؟ فإن العمل النافع ، والأخذ بأسباب العمر من لب رسالة الإنسان ، بل هي مع سلامة القصد وخلوص النية مما يتعبد به إلى الملك الديان ، ويتقرب به إلى ربنا ذي الجلال والإكرام ؛ { فإذا قضيت الصلاة } أديت وفرغتم من أدائها فسارعوا إلى التفرق في جنبات الأرض ، واخرجوا من المساجد لمتابعة إقامة مصالحكم ، ورعاية شئونكم وأعمالكم ؛ وهكذا عطفت الجملتان بالفاء التي تفيد الترتيب والتعقيب باتصال- { فإذا قضيت } { فانتشروا } ومما روي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوما إلى المسجد فوجد رجلا يجلس وكأنه طال مجلسه- فسأله النبي صلى الله عليه وسلم : ( ما جلوسك وليس الوقت وقت صلاة ) ؟ فقال : ديون لزمتني وهموم يا رسول الله ؛ فقال : ( ألا أعلمك كلمات يذهب الله بهن عنك ما تجد قل اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال ) قالوا : فقالها فأذهب الله عنه همه وقضى دينه ؛ { وابتغوا من فضل الله } وباشروا الأسباب لتنالوا من فيض وفضل الغني الوهاب ؛ وأكثر العلماء على أن الأمر بالانتشار خارج المسجد ، والسعي في طلب الرزق إثر الفراغ من الخطبة والصلاة- أمر للندب ، وذهب فريق منهم إلى أنه للوجوب ؛ { واذكروا الله كثيرا } أي لا تلهكم التجارة ولا البيع عن ذكر الله ، فإن أحباب الله وأهل المزيد من فضله لا يشغلهم شيء عن استحضار جلال ربهم والثناء عليه ، كما جاء في القرآن الكريم : { رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار . ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب }{[6831]} . وأولئك هم السعداء العقلاء : { الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك . . . }{[6832]} واستديموا طاعته ، وشكره ان هداكم لعبادته ، والاستقامة على منهاجه وشريعته ؛ قال سعيد ابن جبير : الذكر : طاعة الله تعالى ، فمن أطاع الله فقد ذكره ، ومن لم يطعه فليس بذاكر وإن كان كثير التسبيح ؛ { لعلكم تفلحون } لكي تدركوا ما تطلبون من حسنات الدنيا ويوم تبعثون ، ورجاء أن تفوزوا وتربحوا في العاجلة والآجلة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.