الأرض كفاتا : وعاء ، تضم الأحياء على ظهرها ، والأموات في بطنها .
رواسي شامخات : جبالا ثوابت مرتفعات .
28- ألم نجعل الأرض كفاتا* أحياء وأمواتا* وجعلنا فيها رواسي شامخات وأسقيناهم ماء فراتا* ويل يومئذ للمكذبين .
جعلنا الأرض وعاء لكم منها تأكلون وتشربون ، وعلى طرقها تسيرون ، وتسكنون دورها ومنازلها ، وجعل الأرض جامعة لأمر معاشكم وتجاركم وتنقلاتكم ، فهي ضامة وجامعة للأحياء على ظهرها ، وللأموات في بطنها ، حيث يدفنون في بطنها ، وتستر الأموات من رؤوسهم إلى أقدمهم .
قال تعالى : ثم أماته ، فأقبره . ( عبس : 21 ) .
أي : أسكنه القبر ، وهي نعمة أيّ نعمة .
قال الشعبي : بطنها لأمواتكم ، وظهرها لأحيائكم .
وفي القرآن الكريم يقول الله تعالى : منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى . ( طه : 55 ) .
قال المفسرون : الكفت : الجمع والضمّ ، فالأرض تجمع وتضم إليها جميع البشر ، فهي كالأمّ لهم ، الأحياء يسكنون فوق ظهرها في المنازل والدّور ، والأموات يسكنون في بطونها في القبور . اه .
وجاء التنكير للتفخيم كأنه قيل : تكفت أحياء لا يعدّون على ظهرها ، وتكفت أمواتا لا يحصرون في بطنها .
وجعلنا فيها رواسي شامخات . . .
جعلنا فيها ثوابت مرتفعات ، فالجبال تثبت الأرض ، وتمسكها من الفوران بسبب الزلازل والبراكين والحمم التي بداخلها .
قال تعالى : وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم . . . ( النحل : 15 ) .
وأسقيناكم ماء عذبا لذيذا ، والقرآن يمتن علينا بالماء والبساتين والزروع والثمار عقب ذكر الجبال .
قال تعالى : والجبال أرساها* متاعا لكم ولأنعامكم . ( النازعات : 32 ، 33 ) .
فالجبال تثبّت الأرض وتحفظ توازنها ، وإليها يلجأ العبّاد والزهاد ، والراغبون في الخلوة ، والهاربون من الحياة .
وفي قللها ورؤوسها نجد الثلوج والمياه ، مثل جبل الشيخ في سوريا الذي تعلوه طبقة بيضاء من الثلج ، تذوب في الصيف وتنزل على الوديان فتسقي الزرع ، وتفيد الإنسان والحيوان .
قال تعالى : وجعلنا من الماء كل شيء حيّ . . . ( الأنبياء : 30 ) .
فالماء في البحار وفي الأنهار ، وفي العيون والآبار ، مصدر حياة ونعمة للإنسان والحيوان والزروع وسائر الأحياء .
هلاك في يوم القيامة للمكذبين برسل الله ، والكافرين بنعم الله رب العالمين .
الأولى- قوله تعالى : " ألم نجعل الأرض كفاتا " أي ضامة تضم الأحياء على ظهورها والأموات في بطنها . وهذا يدل على وجوب مواراة الميت ودفنه ، ودفن شعره وسائر ما يزيله عنه . وقوله عليه السلام : [ قصوا أظافركم وادفنوا قلاماتكم ] وقد مضى . يقال : كفت الشيء أكفته : إذا جمعته وضممته ، والكفت : الضم والجمع . وأنشد سيبويه :
كِرامٌ حين تَنْكَفِتُ الأفاعي *** إلى أجحارِهِنَّ من الصَّقِيعِ
وقال أبو عبيد : " كفاتا " أوعية . ويقال للنِّحْيِ : كفت وكفيت ، لأنه يحوي اللبن ويضمه قال :
فأنتَ اليوم فوق الأرض حَيًّا *** وأنت غداً تضُمُّكَ في كِفَاتِ
وخرج الشعبي في جنازة فنظر إلى الجبان فقال : هذه كفات الأموات ، ثم نظر إلى البيوت فقال : هذه كفات الأحياء .
والثانية- روى عن ربيعة في النباش قال تقطع يده فقيل له : لم قلت ذلك ؟ قال . إن الله عز وجل يقول : " ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا " فالأرض حرز . وقد مضى هذا في سورة " المائدة " {[15721]} . وكانوا يسمون بقيع الغرقد كفتة ، لأنه مقبرة تضم الموتى ، فالأرض تضم الأحياء إلى منازلهم والأموات في قبورهم . وأيضا استقرار الناس على وجه الأرض ، ثم اضطجاعهم عليها ، انضمام منهم إليها . وقيل : هي كفات للأحياء يعني دفن ما يخرج من الإنسان من الفضلات في الأرض ؛ إذ لا ضم في كون الناس عليها ، والضم يشير إلى الاحتفاف من جميع الوجوه . وقال الأخفش وأبو عبيدة ومجاهد في أحد قوليه : الأحياء والأموات ترجع إلى الأرض ، أي الأرض منقسمة إلى حي وهو الذي ينبت ، وإلى ميت وهو الذي لا ينبت . وقال الفراء : انتصب ، " أحياء وأمواتا " بوقوع الكفات عليه ، أي ألم نجعل الأرض كفات أحياء وأموات . فإذا نونت نصبت ، كقوله تعالى : " أو إطعام في يوم ذي مسغبة . يتيما " [ البلد : 14 ] . وقيل : نصب على الحال من الأرض ، أي منها كذا ومنها كذا . وقال الأخفش : " كفاتا " جمع كافتة والأرض يراد بها الجمع فنعتت بالجمع . وقال الخليل : التكفيت : تقليب الشيء ظهرا لبطن أو بطنا لظهر . ويقال : انكفت القوم إلى منازلهم أي انقلبوا . فمعنى الكفات أنهم يتصرفون على ظهرها وينقلبون إليها ويدفنون فيها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.