تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ} (17)

المفردات :

تواصوا بالصبر : نصح بعضهم بعضا به .

التفسير :

17- ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة .

إن الأعمال السابقة لا بد لقبولها من أن يكون فاعلها من المؤمنين بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا ورسولا ، ومن الذين تواصوا بالصبر ، وحث بعضهم بعضا على الصبر ، وتواصوا بالرحمة والعطف ، ومد يد المساعدة للمحتاجين ، ونلمح أن المؤمن مطالب بالصبر ، ومطالب بالحث عليه ، وتوصية الآخرين به .

قال تعالى : والعصر* إن الإنسان لفي خسر* إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر . ( العصر : 1-3 ) .

إن الإيمان نصفان : نصف صبر ، ونصف شكر .

ومن سمة الأمة المؤمنة : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ومن المعروف : التواصي بالصبر ، وطول النفس في الجهاد والكفاح ، والصبر على الحلال ، والبعد عن الحرام ، ومن التواصي بالمرحمة إنشاء الجمعيات الخيرية لإعانة المحتاجين ، وكفالة اليتامى وتشغيلهم وتعليمهم ، وحث الناس على التراحم .

قال صلى الله عليه وسلم : ( مثل المسمين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى )vii .

وقال صلى الله عليه وسلم : ( من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسّر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن أطعم جائعا أطعمه الله من ثمار الجنة ، ومن كسا عريانا كساه الله من السندس الأخضر يوم القيامة ، والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه )viii .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ} (17)

تواصَوا بالصبر : نصح الناس بعضهم بعضا بالصبر .

ثم إن هؤلاء الذين يقتحمون العقبة بإنفاق أموالهم في وجوه البرّ والإحسان يكونون من المؤمنين الذين يعملون الخير ، ويوصي بعضُهم بعضاً بالصبر والرحمة . . يرحمون عبادَ الله ويواسُونهم ويساعدونهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ} (17)

{ ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا }{[1433]}  أي : آمنوا بقلوبهم بما يجب الإيمان به ، وعملوا الصالحات بجوارحهم . من كل قول{[1434]}  وفعل واجب أو مستحب . { وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ } على طاعة الله وعن معصيته ، وعلى أقدار المؤلمة بأن يحث بعضهم بعضًا على الانقياد لذلك ، والإتيان به كاملًا منشرحًا به الصدر ، مطمئنة به النفس .

{ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ } للخلق ، من إعطاء محتاجهم ، وتعليم جاهلهم ، والقيام بما يحتاجون إليه من جميع الوجوه ، ومساعدتهم على المصالح الدينية والدنيوية ، وأن يحب لهم ما يحب لنفسه ، ويكره لهم ما يكره لنفسه .


[1433]:- سبق قلم الشيخ فزاد في الآية "وعملوا الصالحات" فحذفت الزيادة في الآية وأبقيت التفسير.
[1434]:- في ب: فدخل في هذا كل قول.
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ} (17)

{ ثم كان من الذين آمنوا } أي كان مقتحم العقبة وفاك الرقبة والمطعم من الذين آمنوا فانه ان لم يكن منهم لم ينفعه قربة { وتواصوا } أوصى بعضهم بعضا { بالصبر } على طاعة الله تعالى { وتواصوا بالمرحمة } بالرحمة على الخلق

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ} (17)

قوله تعالى : " ثم كان من الذين آمنوا " يعني : أنه لا يقتحم العقبة من فك رقبة ، أو أطعم في يوم ذا مسغبة ، حتى يكون من الذين آمنوا ، أي صدقوا ، فإن شرط قبول الطاعات الإيمان بالله . فالإيمان بالله بعد الإنفاق لا ينفع ، بل يجب أن تكون الطاعة مصحوبة بالإيمان ، قال الله تعالى في المنافقين : " وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله{[16083]} " . [ التوبة : 54 ] . وقالت عائشة : يا رسول الله ، إن ابن جدعان كان في الجاهلية يصل الرحم ، ويطعم الطعام ، ويفك العاني ، ويعتق الرقاب ، ويحمل على إبله لله ، فعل ينفعه ذلك شيئا ؟ قال : [ لا ، إنه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين ] . وقيل : " ثم كان من الذين آمنوا " أي فعل هذه الأشياء وهو مؤمن ، ثم بقي على إيمانه حتى الوفاة ؛ نظيره قوله تعالى : " وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى{[16084]} " [ طه : 82 ] . وقيل : المعنى ثم كان من الذين يؤمنون بأن هذا نافع لهم عند الله تعالى . وقيل : أتى بهذه القرب لوجه الله ، ثم آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم . وقد قال حكيم بن حزام بعدما أسلم ، يا رسول الله ، إنا كنا نتحنث{[16085]} بأعمال في الجاهلية ، فهل لنا منها شيء ؟ فقال عليه السلام : [ أسلمت على ما أسلفت من الخير ] . وقيل : إن " ثم " بمعنى الواو ، أي وكان هذا المعتق الرقبة ، والمطعم في المسغبة ، من الذين آمنوا . " وتواصوا " أي أوصى بعضهم بعضا . " بالصبر " أي بالصبر على طاعة الله ، وعن معاصيه ، وعلى ما أصابهم من البلاء والمصائب . " وتواصوا بالمرحمة " بالرحمة على الخلق ، فإنهم إذا فعلوا ذلك رحموا اليتيم والمسكين .


[16083]:آية 54 سورة التوبة.
[16084]:آية 82 سورة طه.
[16085]:أي نتقرب إلى الله.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{ثُمَّ كَانَ مِنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلصَّبۡرِ وَتَوَاصَوۡاْ بِٱلۡمَرۡحَمَةِ} (17)

{ ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة }

{ ثم كان } عطف على اقتحم وثم للترتيب الذكري ، والمعنى كان وقت الاقتحام { من الذين آمنوا وتواصوا } أوصى بعضهم بعضاً { بالصبر } على الطاعة وعن المعصية { وتواصوْا بالمرحمة } الرحمة على الخلق .