تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{۞قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطۡغَيۡتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (27)

23

المفردات :

القرين : المراد هنا : الشيطان المقيض له .

بعيد : عن الحق ، مغرق في البطل .

التفسير :

27- { قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد } .

كأن الكافر في مواقف القيامة يريد الاعتذار بأن الشيطان أطغاه وزين له الشر ، فوقع صريعا لإغواء الشيطان ، فاللوم والعقاب ينبغي أن يكون على السبب في ذلك وهو الشيطان .

فيجيب قرين الكافر أو العاصي وشيطانه ، ويقول : ربنا ما أخذت بناصيته إلى الطغيان والضلال ، وكل ما فعلته أنني زينت له الشر ، وحسّنت له الكفر ، فوجدت عنده الاستعداد كاملا للضلال البعيد عن الحق المغرق في الطغيان .

إن كلا منهما يريد أن يهون من مسئوليته عن أنواع الشر والكفر ، ويروى أن الشيطان يخطب في أهل جهنم خطبة بتراء ، يعلن فيها تنصله من المسئولية ، ويلقي التبعة على من أعطاه الله العقل والإرادة والاختيار ، وقد كان في استطاعته في الدنيا الرشاد ، فاختار الضلال بمحض إرادته ، فلا ينبغي أن يلوم الشيطان ، بل ينبغي أن يلوم نفسه ، فالشيطان لم يَقْسِرْه ولم يُكرهه ، وكل ما فعله هو أنه دعاه إلى الشر ، فاستجاب طائعا مختارا ، ويقول الشيطان : لن أنقذكم من جهنم ، وأنتم كذلك لن تنقذوني ، فمآلنا واحد وهو العذاب .

قال تعالى : { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ( 22 ) } . ( إبراهيم : 22 ) .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{۞قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطۡغَيۡتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (27)

قال قرينه : الشيطان الذي أطغاه .

كان في ضلال بعيد : بعيد عن الحق .

فيقول ذلك الكافر عندما يرى العذاب : ربِّ إن قريني من الشياطين أطغاني . فيردّ عليه قرينه بقوله : { رَبَّنَا مَآ أَطْغَيْتُهُ ولكن كَانَ فِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ } كان طبعهُ الكفرَ والضلال والبعد عن الحق .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{۞قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطۡغَيۡتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (27)

{ قَالَ قَرِينُهُ } الشيطان ، متبرئًا منه ، حاملاً عليه إثمه : { رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ } لأني لم يكن لي عليه سلطان ، ولا حجة ولا برهان ، ولكن كان في الضلال البعيد ، فهو الذي ضل وأبعد عن الحق باختياره ، كما قال في الآية الأخرى : { وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي فلا تلوموني ولوموا أنفسكم } الآية{[832]}


[832]:- في ب وقف عند قوله: (فأخلفتكم).
 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{۞قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطۡغَيۡتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (27)

{ قال قرينه } من الشياطين { ربنا ما أطغيته } ما أضللته { ولكن كان في ضلال بعيد } أي إنما طغى هو بضلاله وإنما دعوته فاستجاب لي كما قال في الإخبار عن الشيطان { إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي } فحينئذ يقول الله

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{۞قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطۡغَيۡتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (27)

قوله تعالى : " قال قرينه ربنا ما أطغيته " يعني الشيطان الذي قيض لهذا الكافر العنيد تبرأ منه وكذبه . " ولكن كان في ضلال بعيد " عن الحق وكان طاغيا باختياره وإنما دعوته فاستجاب لي . وقرينه هنا هو شيطانه بغير اختلاف . حكاه المهدوي . وحكى الثعلبي قال ابن عباس ومقاتل : قرينه الملك ؛ وذلك أن الوليد بن المغيرة يقول للملك الذي كان يكتب سيئاته : رب إنه أعجلني ، فيقول الملك : ربنا ما أطغيته أي ما أعجلته . وقال سعيد بن جبير : يقول الكافر رب إنه زاد علي في الكتابة ، فيقول الملك : ربنا ما أطغيته أي ما زدت عليه في الكتابة ، فحينئذ يقول الله تعالى : " قال لا تختصموا لدي "

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{۞قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطۡغَيۡتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (27)

{ قال قرينه ربنا ما أطغيته } القرين هنا : شيطانه الذي وكل به في الدنيا ، بلا خلاف ومعنى { ما أطغيته } : ما أوقعته في الطغيان ، ولكنه طغى باختياره وإنما حذف الواو لأن هذه جملة مستأنفة بخلاف قوله : { وقال قرينه } قبل هذا فإنه عطف .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{۞قَالَ قَرِينُهُۥ رَبَّنَا مَآ أَطۡغَيۡتُهُۥ وَلَٰكِن كَانَ فِي ضَلَٰلِۭ بَعِيدٖ} (27)

ولما كان القرين قد قال ما تقدم مريداً به - جهلاً منه - الخلاص من العذاب بإظهار أنه ليس بأوصاف هذه النفس ، بل من كبار المؤمنين ، فأجيب مقاله بإلقاء تلك النفس معللاً للأمر بإلقائها بما شمل هذا القرين ، فتشوف السامع إلى ما يكون من حاله ، وكانت العادة جارية أن من تكلم في شخص بما فيه مثله ولا سيما إن كان هو السبب فيه أو كان قد تكلم ذلك الشخص فيه ، فكان قياس ذلك يقتضي ولا بد أن تقول تلك النفس القول فيها ، وهذا عند الأمر بإلقائها : ربنا هو أطغاني : أجاب تعالى عند هذا التشوف بقوله : { قال قرينه } منادياً بإسقاط الأداة دأب أهل أهل القرب إيهاماً أنه منهم : { ربنا } أيها المحسن إلينا-{[61210]} أيتها{[61211]} الخلائق كلهم { ما أطغيته } أي أوقعته فيما كان فيه من الطغيان ، فإنه لا سلطان لي عليه وأنت أعلم بذلك { ولكن كان } بجبلته وطبعه { في ضلال بعيد * } محيط به من جميع جوانبه لا يمكن رجوعه معه ، فلذلك كان يبادر إلى كل ما يغضب الله ، وإن حركته إليه أن{[61212]} فإنه لا يحتاج إلى أدنى تحريك فيثور له ثورة من هو مجبول مركوز في طباعه .


[61210]:زيد من مد.
[61211]:زيد من مد.في مد: أينها.
[61212]:ليس واضحا في الأصل ومد.