تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَعَجِبُوٓاْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٞ مِّنۡهُمۡۖ وَقَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا سَٰحِرٞ كَذَّابٌ} (4)

1

4- { وعجبوا أن جاءهم منذر منهم وقال الكافرون هذا ساحر كذاب } .

هذا العجب من أن يكون الرسول بشرا مثلكم مرت به البشرية ، وتكلم به الكفار في حق الرسل ، وقال الذين كفروا لرسلهم : { إن أنتم إلا بشر مثلنا تريدون أن تصدونا عما كان يعبد آباؤنا فأتونا بسلطان مبين * قالت لهم رسلهم إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده . . . } [ إبراهيم : 10 ، 11 ] أراد الله أن يكون الرسول بشرا مثل الناس ، يحس بإحساسهم ، ويعرف قدراتهم وطاقاتهم ، وما يتقبلونه ويستحسنونه ، وما يطيقونه وما لا يطيقونه ، ويكون الرسول قدوة عملية أمامهم ، يلتزم بما يأمرهم به ، فيكون نموذجا للعمل بما يأمر به ، والترك لما ينهى عنه ، فالرسول محمد صلى الله عليه وسلم كان خُلقه القرآن ، يصلّي ويصوم ويزكّي ويحج ، ويشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وهو صادق أمين مجاهد ، يزور المرضى في أقصى المدينة ، يتعهد أصحابه ، يرحم الضعفاء ، يعلّم الرجال والنساء ، ويبلغ وحي السماء ، لكن الكفار رغبوا في رسالة غامضة تقوم على الأساطير التي كانت تروج بينهم قبل الإسلام ، ورفضوا الدين الواضح الذي يقوم على الحجة والمنطق والوضوح ، واستكثروا أن يكون اليتيم الفقير هو النبّي الرسول ، وكانوا يلقبون محمدا قبل الدعوة إلى الإسلام ، بالصادق الأمين ، فلما جاءهم بالرسالة كفروا به حسدا وعنادا ، وقالوا : إنه ساحر يفرّق بين المرء وقومه ، والمرء وأبيه وأمّه ، وهو كذّاب لا ينزل عليه الوحي من السماء لكنه يدّعى ذلك .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَعَجِبُوٓاْ أَن جَآءَهُم مُّنذِرٞ مِّنۡهُمۡۖ وَقَالَ ٱلۡكَٰفِرُونَ هَٰذَا سَٰحِرٞ كَذَّابٌ} (4)

قوله تعالى : " وعجبوا أن جاءهم منذر منهم " " أن " في موضع نصب والمعنى من أن جاءهم . قيل : هو متصل بقوله : " في عزة وشقاق " أي في عزة وشقاق وعجبوا ، وقوله : " كم أهلكنا " معترض . وقيل : لا بل هذا ابتداء كلام ، أي ومن جهلهم أنهم أظهروا التعجب من أن جاءهم منذر منهم . " وقال الكافرون هذا ساحر " أي يجيء بالكلام المموه الذي يخدع به الناس ، وقيل : يفرق بسحره بين الوالد وولده والرجل وزوجته " كذاب " أي في دعوى النبوة .