تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7)

{ وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم . }

المفردات :

ولى : أعرض عنها غير معتد بها .

مستكبرا : مبالغا في التكبر .

كأن لم يسمعها : مع أنه سامع .

وقرا : الوقر : الصمم كليا أو جزئيا وهو مانع من السماع .

فبشره : أعلمه وذكر البشارة للتهكم .

التفسير :

وإذا تقرأ على هذا الضال آيات الله أعرض عنها غير معتد بها ، متكبرا مبالغا في الكبر وحاله في ذلك حال من لم يسمعها وهو سامع كأن في أذنيه صمما وثقلا مانعا من السماع فأنذره يا أيها الرسول بالعذاب الأليم جزاء إعراضه عن آياتنا وتكبره عن الاستجابة لهدايتنا .

قال ابن كثير في تفسير الآية ما يأتي :

أي : هذا المقبل على اللهو واللعب والطرب ، إذا تليت عليه الآيات القرآنية ولى عنها وأعرض وأدبر وتصام وما به من صمم كأنه ما يسمعها لأنه يتأذى بسماعها إذ لا انتفاع له بها ولا أرب له فيها .

{ فبشره بعذاب أليم . } أي : يوم القيامة يؤلمه كما تألم بسماع كتاب الله وآياته .

* * *

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7)

ولهذا قال { وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آيَاتُنَا } ليؤمن بها وينقاد لها ، { وَلَّى مُسْتَكْبِرًا } أي : أدبر إدبار مستكبر عنها ، رادٍّ لها ، ولم تدخل قلبه ولا أثرت فيه ، بل أدبر عنها { كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا } بل { كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْرًا } أي : صمما لا تصل إليه الأصوات ؛ فهذا لا حيلة في هدايته .

{ فَبَشِّرْهُ } بشارة تؤثر في قلبه الحزن والغم ؛ وفي بشرته السوء والظلمة والغبرة . { بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } مؤلم لقلبه ؛ ولبدنه ؛ لا يقادر قدره ؛ ولا يدرى بعظيم أمره ، وهذه بشارة أهل الشر ، فلا نِعْمَتِ البشارة .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7)

قوله تعالى : " وإذا تتلى عليه آياتنا " يعني القرآن . " ولى " أي أعرض . " مستكبرا " نصب على الحال . " كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا " ثقلا وصمما . وقد تقدم{[12567]} . " فبشره بعذاب أليم " تقدم أيضا{[12568]} .


[12567]:راجع ج 6 ص 404.
[12568]:راجع ج 1 ص 198 و 238 فما بعد.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِذَا تُتۡلَىٰ عَلَيۡهِ ءَايَٰتُنَا وَلَّىٰ مُسۡتَكۡبِرٗا كَأَن لَّمۡ يَسۡمَعۡهَا كَأَنَّ فِيٓ أُذُنَيۡهِ وَقۡرٗاۖ فَبَشِّرۡهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} (7)

ولما كان الإنسان قد يكون غافلاً ، فإذا نبه انتبه ، دل سبحانه على أن هذا{[53681]} الإنسان المنهمك{[53682]} في أسباب الخسران لا يزداد على مر{[53683]} الزمان إلا مفاجأة لكل ما يرد عليه من البيان بالبغي والطغيان ، فقال مفرداً للضمير حملاً على اللفظ أيضاً لئلا يتعلق متمحل بأن المذموم إنما هو الجمع صارفاً الكلام إلى مظهر العظمة لما اقتضاه الحال {[53684]}من الترهيب{[53685]} : { وإذا تتلى عليه آياتنا } أي يتجدد عليه تلاوة ذلك مع ما له من العظمة من أيّ تال كان وإن عظم { ولى } أي بعد السماع ، مطلق التولي سواء كان على{[53686]} حالة{[53687]} المجانبة أو مدبراً{[53688]} { مستكبراً } أي حال كونه طالباً للكبر موجداً له بالإعراض عن الطاعة تصديقاً لقولنا آخر تلك

{ ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون }[ الروم : 58 ] .

ولما كان السامع لآياته سبحانه جديراً بأن تكسبه رقة وتواضعاً ، قال تعالى دالاً على أن هذا الشقي كان حاله عند سماعه وبعده كما كان قبل : { كأن } أي كأنه ، أي{[53689]} مشبهاً حاله بعد السماع حاله حين { لم يسمعها } فدل ذلك على أنه لم يزل على حالة الكبر لآنه شبه حاله{[53690]} مع السماع بحاله مع عدم السماع ، وقد بين{[53691]} أن حاله مع السماع الاستكبار فكان حاله قبل السماع كذلك .

ولما كان من لم يسمع الشيء قد يكون قابلاً للسمع ، فإذا كلم من حد جرت العادة بأن يسمع منه سمع ، بين أن حال هذا كما كان مساوياً لما قبل التلاوة فهو مساو لما بعدها ، لأن سمعه مشابه لمن به صم ، فالمضارع في " يتلى " مفهم لأن الحال في الاستقبال كهي{[53692]} في الحال فقال تعالى : { كأن في أذنيه وقراً } أي صمماً يستوي معه{[53693]} تكليم غيره له وسكوته .

ولما تسبب عن ذلك استحقاقه لما يزيل نخوته وكبره وعظمته ، وكان استمرار الألم أعظم كاسرٍ لذوي الشمم ، وكان من طبع الإنسان الاهتزاز لوعد الإحسان كائناً من كان نوع{[53694]} اهتزاز قال : { فبشره } فلما كان جديراً بأن يقبل - لا يولّي لظنه البشري - على حقيقتها لأن من يعلم أنه أهل للعذاب بأفعاله الصعاب لا يزال يتوالى عليه النعم مرة {[53695]}بعد مرة{[53696]} حتى يظن أو يكاد يقطع بأن المعاصي سبب لذلك وأنه - لما له عند الله من عظيم المنزلة - لا يكره منه عمل{[53697]} من الأعمال ، قرعه بقوله : { بعذاب } أي عقاب مستمر { أليم * } .


[53681]:زيد من ظ وم ومد.
[53682]:في ظ ومد: انهمك.
[53683]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: ممر.
[53684]:في ظ: للترهيب.
[53685]:في ظ: للترهيب.
[53686]:سقط من ظ.
[53687]:في ظ ومد: حال.
[53688]:زيد من ظ وم ومد.
[53689]:سقط من ظ.
[53690]:سقط من ظ.
[53691]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: تبين.
[53692]:من ظ وم ومد، أي: كما هي، وفي الأصل: فهي.
[53693]:زيد في الأصل: حال، ولم تكن الزيادة في ظ وم ومد فحذفناها.
[53694]:زيد في ظ: من.
[53695]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: بعده.
[53696]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: بعده.
[53697]:في ظ: عملا.