السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَأَخۡبَتُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (23)

ولما ذكر تعالى عقوبة الكفار وخسرانهم أتبعه بذكر أحوال المؤمنين في الدنيا وربحهم في الآخرة بقوله تعالى : { إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات وأخبتوا إلى ربهم } أي : اطمأنوا إليه وخشعوا ، إذ الإخبات في اللغة هو الخشوع والخضوع وطمأنينة القلب ، ويتعدّى بإلى وباللام فإذا قلت : أخبت فلان إلى كذا ، فمعناه اطمأن إليه ، وإذا قلت : أخبت له فمعناه خشع وخضع له ، فقوله تعالى : { إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات } إشارة إلى جميع عمل الجوارح . وقوله تعالى : { وأخبتوا } إشارة إلى أعمال القلوب وهي الخشوع والخضوع لله تعالى ، وإن هذه الأعمال الصالحة لا تنفع في الآخرة إلا بحصول أعمال القلب وهي الخشوع والخضوع { أولئك } أي : الذين هذه صفتهم { أصحاب الجنة هم خالدون } فأخبر تعالى عن حالهم في الآخرة بأنهم من أهل الجنة التي لا انقطاع لنعيمها ولا زوال .