الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَأَخۡبَتُوٓاْ إِلَىٰ رَبِّهِمۡ أُوْلَـٰٓئِكَ أَصۡحَٰبُ ٱلۡجَنَّةِۖ هُمۡ فِيهَا خَٰلِدُونَ} (23)

قوله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ } : الموصولُ اسمُ إنَّ ، والجملة مِنْ قولِه : { أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَنَّةِ } خبرها .

والإِخباتُ : الاطمئنان والتذلُّل والتواضع ، وأصله من الخَبْت وهو المكانُ المطمئنُّ ، أي : المنخفضُ من الأرض ، وأَخْبَتَ الرجلُ : دخل في مكان خَبْت ، كأَنْجَدَ وأَتْهَمَ إذا دخل في أحد هذين المكانين ، ثم تُوُسِّع فيه فقيل : خَبَتَ ذِكْرُه ، أي : خمد ، ويقال للشيء الدنيء الخبيت ، قال الشاعر :

2648 ينفع الطيِّبُ القليلُ من الرِّزْ *** قِ ولا يَنْفَعُ الكثير الخبيتُ

هكذا يُنْشدون هذا البيتَ في هذه المادة ، الزمخشري وغيره ، والظاهر أن يكونَ بالثاءِ المثلثة ولا سيما لمقابلته بالطِّيب ، ولكن الظاهر من عبارتهم أنه بالتاء المثنَّاة لأنهم يَسُوقونه في هذه المادة ، ويدلُّ على أن معنى البيت إنما هو على الثاء المثلثة قولُ الزمخشري : " وقيل : التاءُ فيه بدل من الثاء " . ومن مجيء الخَبْت بمعنى المكان المطمئن قوله :

2649 أفاطمُ لو شَهِدْتِ ببطنِ خَبْتٍ *** وقد قتل الهزبرَ أخاك بشرا

وفي تركيب البيتِ قَلَقٌ ، وحَلُّه : لو شهدْتِ أخاك بِشْرا وقد قتل الهزبرَ ، ففاعل " قتل " ضمير يعودُ على " أخاك " . وأخبت يتعدى بإلى كهذه الآية ، وباللام كقوله تعالى : { فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ } [ الحج : 54 ] .