السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{أَمۡ يَقُولُونَ ٱفۡتَرَىٰهُۖ قُلۡ فَأۡتُواْ بِعَشۡرِ سُوَرٖ مِّثۡلِهِۦ مُفۡتَرَيَٰتٖ وَٱدۡعُواْ مَنِ ٱسۡتَطَعۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (13)

{ أم } أي : بل { يقولون } كفار مكة { افتراه } أي : اختلقه من تلقاء نفسه وليس هو من عند الله ، قال الله تعالى : { قل } لهم يا محمد { فأتوا بعشر سور مثله } في البيان وحسن النظم { مفتريات } فإنكم عربيون مثلي . قال ابن عباس : هذه السور التي وقع بها هذا التحدي معينة وهي سورة البقرة ، وآل عمران ، والنساء ، والمائدة ، والأنعام ، والأعراف ، والأنفال ، والتوبة ، ويونس ، وهود ، وقيل : التحدي وقع بمطلق السور وهو متقدّم على التحدّي بسورة واحدة ، والتحدّي بسورة واحدة وقع في سورة البقرة ، وفي سورة يونس ، أمّا تقدم هذه السورة على سورة البقرة فظاهر ؛ لأن هذه السورة مكية وسورة البقرة مدنية ، وأمّا في سورة يونس فلأنّ كل واحدة من هاتين السورتين مكية ، فتكون سورة هود متقدّمة في النزول على سورة يونس كما قاله الرازي ، وأنكر المبرد هذا وقال : بل سورة يونس أولاً وقال معنى قوله في سورة يونس { فأتوا بسورة مثله } [ يونس ، 38 ] أي : مثله في الخبر عن الغيب والأحكام والوعد والوعيد ، فعجزوا ، فقال لهم في سورة هود : إن عجزتم عن الإتيان بسورة مثله في الأخبار والأحكام والوعد والوعيد فأتوا بعشر سور من غير وعد ولا وعيد ، وإنما هي مجرّد البلاغة { وادعوا } أي : وقل لهم يا محمد ادعوا للمعاونة على ذلك { من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين } في أنه مفترى .