السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَضۡلٗا مِّن رَّبِّكَۚ ذَٰلِكَ هُوَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (57)

وقوله تعالى : { فضلاً } مفعول لأجله أي : فعل ذلك بهم لأجل الفضل ، وجعله أبو البقاء : منصوباً بمقدر أي : تفضلنا بذلك فضلاً أي : تفضلاً .

تنبيه : احتج أهل السنة بهذه الآية على أن الثواب يحصل من الله تعالى فضلاً وإحساناً وأن كل ما وصل إليه العبد من الخلاص من النار والفوز بالجنة فإنما يحصل بفضل الله تعالى { من ربك } أي : المحسن إليك بكمال إحسانه إلى أتباعك إحساناً يليق بك ، قال الرازي في اللوامع : أصل الإيمان رؤية الفضل في جميع الأحوال .

ولما عظمه الله تعالى بإظهار هذه الصفة مضافة إليه صلى الله عليه وسلم زاد تعظيمه بالإشارة بأداة البعد فقال تعالى : { ذلك } أي : الفضل العظيم الواسع { هو } أي : خاصة { الفوز } أي : الظفر بجميع المطالب { العظيم } لأنه خلاص عن المكاره ، ولم يدع جهة من الشرف إلا ملأها ، وهذا يدل على أن الفضل أعلى من درجات الثواب المستحق ؛ لأنه تعالى وصفه بكونه فوزاً عظيماً ، وأيضاً فإن الملك العظيم إذا أعطى الأجير أجرته ثم خلع على إنسان آخر فإن تلك الخلعة أعلى من إعطاء تلك الأجرة .