ثم قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم : { قل } أي : لهؤلاء المعرّضين أنفسهم لغاية الخطوب منكراً عليهم تبكيتاً وتوبيخاً { أرأيتم } أي : أخبروني عن حال آلهتكم بعد تأمّل وروية باطنة . { ما تدعون } أي : تعبدون ثم نبه على سفولهم بقوله تعالى : { من دون الله } أي : المالك الأعظم الذي كل شيء دونه فلا كفء له مفعول أوّل وقوله تعالى : { أروني } أي : أخبروني تأكيد وقوله : { ماذا خلقوا } مفعول ثان وقوله تعالى : { من الأرض } بيان لما أي : ليصح ادّعاء أنهم شركاء فيها باختراع ذلك الجزء .
{ أم لهم } أي : الذين تدعونهم { شرك } أي مشاركة { في } خلق { السماوات } أي : بنوع من أنواع الشركة مع الله تعالى و{ أم } بمعنى همزة الإنكار ولما كان الدليل أحد شيئين سمع وعقل قال تعالى : { ائتوني بكتاب } أي : منزل على دعواكم في هذه الأصنام : أنها خلقت شيئاً أو أنها تستحق أن تعبد .
تنبيه أبدل ورش والسوسيّ الهمزة من { ائتوني } في الوصل ياء وحققها الباقون . وأما الابتداء بها ، فجميع القرّاء أبدلوها ياء بعد الابتداء بهمزة الوصل مكسورة .
{ من قبل هذا } أي : القرآن الذي أنزل علي كالتوراة والإنجيل والزبور ، وهذا من أعلام النبوّة ، فإنها كلها شاهدة بالوحدانية لو أتى بها آت لشهدت عليه . ولما ذكر تعالى الأعلى الذي لا يجب التكليف إلا به وهو : النقل القاطع ، سهل عليهم فنزل إلى ما دونه فقال : { أو أثارة } أي : بقية { من علم } يؤثر عن الأولين بصحة دعواكم في عبادة الأصنام : أنها تقرّبكم إلى الله تعالى . وقال المبرد : { أثارة } ما يؤثر من علم كقولك هذا الحديث يؤثر عن فلان . ومن هذا المعنى سميت الأخبار بالآثار . يقال : جاء في الأثر كذا وكذا . وقال الواحدي : وكلام أهل اللغة في هذا الحرف يدور على ثلاثة أقوال ؛ الأوّل : الأثارة واشتقاقها من : أثرت الشيء أثيره إثارة كأنها بقية تستخرج فتثار . والثاني : من الأثر الذي هو الرواية . والثالث : من الأثر بمعنى العلامة . وقال الكلبي في تفسير الأثارة : أي بقية من علم يؤثر عن الأوّلين أي : يسند إليهم وقال مجاهد وعكرمة ومقاتل : رواية عن الأنبياء قال الرازي : وههنا قول آخر : أو أثارة من علم هو علم الخط الذي يخط في الرمل ، والعرب كانوا يخطونه وهو علم مشهور روي أنه صلى الله عليه وسلم قال : «كان نبيّ من الأنبياء يخط فمن وافق خطه خطه علم علمه » فعلى هذا الوجه معنى الآية { ائتوني بعلم من قبل هذا } الخط الذي تخطونه في الرمل يدل على صحة مذهبكم في عبادة الأصنام فإن صح تفسير الآية بهذا الوجه كان ذلك من باب التهكم بهم وأقوالهم ودلائلهم . ثم أشار إلى تقريعهم بالكذب إذ لم يقيموا دليلاً على دعواهم بقوله : { إن كنتم صادقين } أي : عريقين في الصدق على ما تدّعون لأنفسكم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.