إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمۡ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٖۖ ذَٰلِكَ وَعۡدٌ غَيۡرُ مَكۡذُوبٖ} (65)

{ فَعَقَرُوهَا } قيل : زَيَّنت عقرَها لهم عُنيزةُ أمُّ غَنَم وصدَقةُ بنتُ المختارِ فعقروها واقتسموا لحمها فرقِيَ سَقْبُها{[419]} جبلاً اسمه قارة فرَغاً ثلاثاً ، فقال صالح لهم : أدرِكوا الفصيلَ عسى أن يرفعَ عنكم العذاب فلم يقدِروا عليه وانفجرت الصخرةُ بعد رغائِه فدخلها { فَقَالَ } لهم صالح { تَمَتَّعُواْ } أي عيشوا { في دَارِكُمْ } أي في منازلكم أو في الدنيا { ثلاثة أَيَّامٍ } قيل : قال لهم : تصبح وجوهُكم غداً مصفرّةً وبعد غدٍ مُحمرَّةً واليومَ الثالثَ مُسودةً ثم يصبّحكم العذابُ { ذلك } إشارةٌ إلى ما يدل عليه الأمرُ بالتمتع ثلاثةَ أيامٍ من نزول العذاب عَقيبَها ، والمرادُ بما فيه من معنى البُعد تفخيمُه { وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ } أي غيرُ مكذوبٍ فيه فخُذف الجارُّ للاتساع المشهور كقوله : [ الطويل ] .

ويومٍ شهِدناه سليماً وعامراً *** [ قليل سوى الطعن النهال نوافله ]{[420]}

أو غيرُ مكذوب ، كأن الواعدَ قال له : أفي بك فإن وفى به صدّقه وإلا كذّبه ، أو وعدٌ غيرُ كذِبٍ على أنه مصدرٌ كالمجلود والمعقول .


[419]:سقبها: ولدها.
[420]:البيت لرجل من بني عامر في الدرر 3/96؛ وشرح المفصل 2/46؛ وبلا نسبة في الأشباه والنظائر 1/38؛ وخزانة الأدب 7/181؛ ولسان العرب (جزي)؛ وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص 88؛ ومغني اللبيب 2/503؛ والمقتضب 3/105؛ والمقرب 1/147؛ وهمع الهوامع 1/203.