{ فَعَقَرُوهَا فَقَالَ لهُم } صالح : { تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ } أي : في دياركم ، فالمراد بالدَّار : البلد ، وتُسَمَّى البلاد بالدِّيار ، لأنَّه يدار فيها ، أي : يتصرف ، يقال : ديار بكر أي : بلادهم .
وقيل : المراد بالدِّيار : دار الدُّنيا ، وقيل : هو جمع " دارة " كساحة وساحٍ وسُوحٍ ، وأنشد ابنُ أبي الصَّلْت : [ الوافر ]
لَهُ دَاعٍ بِمَكَّة مُشْمَعِلٌّ *** وآخَرُ فوْقَ دَارَتِهِ يُنَادِي{[18857]}
قال القرطبيُّ : " استدلَّ العلماءُ بتأخير الله العذاب عن قوم صالح ثلاثة أيام على أنَّ المسافر إذا لمْ يُجمع على إقامة أربع ليالٍ قصر ؛ لأنَّ الثلاثة أيام خارجة عن حكم الإقامة " .
والتَّمتع : التَّلذُّذ بالمنافع والملاذ . { ذلك وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ } ، [ أي : غير كذب ]{[18858]} .
قوله : " مَكْذُوب " يجُوزُ أن يكون مصدرا على زنة مفعولٍ ، وقد جاء منه أليفاظ نحو : المَجْلود والمعقُول والمَيْسُور والمَفْتُون ، ويجوزُ أن يكون اسم مفعولٍ على بابه ، وفيه حينئذٍ تأويلان :
أحدهما : غير مكذوبٍ فيه ، ثم حذف حرف الجر فاتَّصل الضَّمير مرفُوعاً مستتراً في الصِّفة ومثله " يَوْمٌ مَشْهُودٌ " وقول الشاعر : [ الطويل ]
ويَوْمَ شَهِدْنَاهُ سُلَيْماً وعَامِراً *** قَلِيلٌ سِوَى الطَّعْنِ النِّهَالِ نوافِلُه{[18859]}
والثاني : أنه جُعِل هو نفسُه غير مكذوب ؛ لأنَّه قد وُفي به ، فقد صُدِّق .
قال ابن عباس - رضي الله عنهما - : " لمَّا أمهلهم ثلاثة أيَّام ، قالوا وما علامةُ ذلك ؟ قال : تصبحوا في اليوم الأوَّلِ وجوهكم مصفرة ، وفي اليوم الثاني مُحْمَرة وفي اليوم الثالث مسودة ، ثم يأتيكم العذابُ في اليوم الرَّابع فكان كما قال " {[18860]} .
فإن قيل : كيف يُعقل أن تظهر هذه العلامات مطابقة لقول صالحٍ ، ثم يبقون مصرين على الكفر ؟ فالجواب : ما دامت الأمارات غير بالغة إلى حدِّ اليقينِ لم يمتنع بقاؤهم على الكفر وإذا صارت يقينيَّة قطعيَّة ، فقد انتهى الأمرُ إلى حدِّ الإلجاء ، والإيمان في ذلك الوقت غير مقبول .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.