السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{فَعَقَرُوهَا فَقَالَ تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمۡ ثَلَٰثَةَ أَيَّامٖۖ ذَٰلِكَ وَعۡدٌ غَيۡرُ مَكۡذُوبٖ} (65)

{ فعقروها } وذبحوها { فقال } لهم عند بلوغه الخبر { تمتعوا } ، أي : عيشوا { في داركم } والتمتع التلذذ بالمنافع والملاذ التي تدرك بالحواس وذلك لا يحصل إلا للحي . وفي المراد من الدار وجهان : أحدهما : البلد وتسمى البلد الديار لأنه يدار فيها ، أي : يتصرّف فيها ، يُقال ديار بكر لبلادهم . الثاني : دار الدنيا ، أي : تمتعوا في الدنيا { ثلاثة أيام } وذلك أنهم لما عقروا الناقة أنذرهم صالح عليه الصلاة والسلام بنزول العقاب بعد هذه المدّة قال ابن عباس : إنه تعالى لما أمهلهم تلك الأيام الثلاثة فقد رغبهم في الإيمان ثم قالوا لصالح عليه السلام وما علامة ذلك ؟ قال : تصير وجوهكم في اليوم الأول مصفرة وفي الثاني محمرة وفي الثالث مسودّة ثم يأتيكم العذاب في اليوم الرابع ، فلما رأوا وجوههم مسودّة أيقنوا حينئذٍ بالعذاب فتحنطوا واستعدوا للعذاب فصبحهم اليوم الرابع كما قال تعالى : { ذلك } ، أي : الوعد العالي الرتبة في الصدق { وعد غير مكذوب } ، أي : فيه فاتسع في الظرف بحذف الحرف وإجرائه مجرى المفعول به كقوله :

ويومٍ شهدناه أي : ورب يوم شهدنا فيه سليماً وعامراً . أو غير مكذوب على المجاز أو وعد غير كذب على أنه مصدر .