إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قَالُواْ ٱطَّيَّرۡنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَۚ قَالَ طَـٰٓئِرُكُمۡ عِندَ ٱللَّهِۖ بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ تُفۡتَنُونَ} (47)

{ قَالُواْ اطيرنا } أصلُه تطَّيرنَا والتَّطيرُ التشاؤمُ عُبِّر عنه بذلك لما أنَّهم كانُوا إذا خرجُوا مسافرينَ فيمرّون بطائرٍ يزجرونَه فإنْ مرَّ سانحاً{[621]} تيمَّنوا وإنْ مرَّ بارحاً تشاءمُوا فلما نسبُوا الخيرَ والشرَّ إلى الطائرِ استُعير لما كانَ سبباً لهما من قدرِ الله تعالى وقسمتِه أو من عمل العبدِ أي تشاءمنا . { بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ } في دينِك حيثُ تتابعت علينا الشدائدُ وقد كانُوا قحطوا أو لم نزل في اختلافٍ وافتراقٍ مُذ اخترعتُم دينَكُم { قَالَ طَائِرُكُمْ } أي سببُكم الذي منْهُ ينالُكم ما ينالُكم من الشرِّ { عَندَ الله } وهو قدرُه أو عملُكم المكتوبُ عندَهُ . وقولُه تعالى : { بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ } أي تُختبرون بتعاقبِ السرَّاءِ والضرَّاءِ أو تعذَّبون أو يفتنكُم الشيطانُ بوسوستِه إليكم الطيرةَ إضرابٌ من بيانِ طائرِهم الذي هو مبدأُ ما يحيقُ بهم إلى ذكِر ما هو الدَّاعي إليهِ .


[621]:السائح ما أتاك عن يمينك من ظبي أو طائر. قال أبو عبيدة: سأل يونس رؤبة وأنا شاهد عن السانح والبارح فقال: السائح ما ولاك ميامنه والبارح ما ولاك مياسره.