إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِن نَّشَأۡ نُغۡرِقۡهُمۡ فَلَا صَرِيخَ لَهُمۡ وَلَا هُمۡ يُنقَذُونَ} (43)

{ وَإِن نَّشَأْ نُغْرِقْهُمْ } الخ من تمامِ الآيةِ فإنَّهم معترفون بمضمونِه كما ينطقُ به قولُه تعالى : { وَإِذَا غَشِيَهُمْ مَّوْجٌ كالظلل دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين }[ سورة لقمان ، الآية32 ] وقرئ نُغرِّقهم بالتَّشديدِ وفي تعليق الإغراقِ بمحض المشيئةِ إشعار بأنَّه قد تكامل ما يُوجب إهلاكَهم من معاصيهم ولم يبقَ إلاَّ تعلُّقُ مشيئته تعالى به أي إنْ نشأْ نغرقهم في اليمِّ مع ما حملناهم فيه من الفُلك فحديثُ خَلْقِ الإبل حينئذٍ كلامٌ جيء به في خلالِ الآيةِ بطريق الاستطرادِ لكمالِ التَّماثلَ بين الإبلِ والفُلكِ فكأنَّها نوعٌ منه أو مع ما يركبون من السُّفنِ والزَّوارقِ { فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ } أي فلا مُغيثَ لهم يخرجهم من الغَرَق ويدفعه عنهم قبل وقوعِه وقيل : فلا استغاثةَ لهم من قولِهم أتاهم الصَّريخُ { وَلاَ هُمْ يُنقَذُونَ } أي ينجُّون منه بعد وقوعِه