البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَإِن نَّشَأۡ نُغۡرِقۡهُمۡ فَلَا صَرِيخَ لَهُمۡ وَلَا هُمۡ يُنقَذُونَ} (43)

وقرأ الحسن : نغرقهم مشدداً ؛ والجمهور : مخففاً ؛ والصريح : فعيل بمعنى صارخ : أي مستغيث ، وبمعنى مصرخ : أي مغيث ، وهذا معناه هنا ، أي فلا مغيث لهم ولا معين .

وقال الزمخشري : { فلا صريح لهم } : أي فلا إغاثة لهم . انتهى .

كأنه جعله مصدراً من أفعل ، ويحتاج إلى نقل أن صريخاً يكون مصدراً بمعنى صراخ .

والظاهر أن قوله : { فلا صريح لهم } : أي لا مغيث لهؤلاء الذين شاء الله إغراقهم ، { ولا هم ينقذون } : أي ينجون من الموت بالغرق .

نفي أولاً الصريخ ، وهو خاص ؛ ثم نفى ثانياً إنقاذهم بصريخ أو غيره .

وقال ابن عطية : وقوله { فلا صريخ لهم } استئناف إخبار عن المسافرين في البحر ، ناجين كانوا أو مغرقين ، فهم في هذه الحال لا نجاة لهم إلا برحمة الله .

وليس قوله : { فلا صريخ لهم } مربوطاً بالمغرقين ، وقد يصح ربطه به ، والأول أحسن فتأمله .

انتهى ، وليس بحسن ولا أحسن .

والفاء في { فلا صريخ لهم } تعلق الجملة بما قبلها تعليقاً واضحاً ، وترتبط به ربطاً لائحاً .

والخلاص من العذاب بما يدفعه من أصله ، فنفي بقوله : { فَلاَ صَرِيخَ لَهُمْ } ، وما يرفعه بعد وقوعه ، فنفي بقوله : { ولا هم ينقذون } .