إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

{ فَأَمَّا عَادٌ فاستكبروا فِي الأرض } شروعٌ في حكايةِ ما يخصُّ بكلِّ واحدةٍ من الطائفتينِ من الجنايةِ والعذابِ إثرَ حكايةِ ما يعمُّ الكلَّ من الكفرِ المطلقِ أي فتعظمُوا فيَها على أهلِها أو استعلَوا فيَها واستولَوا على أهلِها { بِغَيْرِ الحق } أي بغيرِ استحقاقٍ للتعظيمِ والولايةِ { وَقَالُواْ } مدلين بشدَّتِهم وقوَّتِهم { مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } حيثُ كانُوا ذوي أجسامٍ طوالٍ وخَلْقٍ عظيمٍ وقد بلغَ من قوتهم أنَّ الرجلَ كان ينزعُ الصخرةَ من الجبلِ فيقتلعها بيدِه { أَوَ لَمْ يَرَوْاْ } أي أغفَلُوا أو ألم ينظرُوا ولم يعلُموا علماً جلياً شبيهاً بالمشاهدةِ والعيانِ { أَنَّ الله الذي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } أي قدرةً فإنه تعالَى قادرٌ بالذاتِ مقتدرً على ما لا يتناهى قويٌّ على ما لا يَقدرُ عليهِ غيرُه مفيضٌ للقُوى والقُدرِ على كُلِّ قوي وقادرِ وإنما أوردَ في حيز الصلةِ خلقَهم دونَ خلقِ السمواتِ والأرضِ لادِّعائِهم الشدةَ في القوةِ وفيه ضربٌ من التهكمِ بهم { وَكَانُواْ بآياتنا } المنزلةِ على الرُّسلِ { يَجْحَدُونَ } أي ينكرونَها وهم يعرفونَ حقيقتَها وهو عطفٌ على فاستكبرُوا كقولِه تعالَى وقالُوا وما بينَهمَا اعتراضٌ للردِّ على كلمتِهم الشنعاءِ