إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَمۡ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٞ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} (52)

{ أَمْ أَنَا خَيْرٌ } معَ هذه المملكةِ والبسطةِ { منْ هذا الذي هُوَ مَهِينٌ } ضعيفٌ حقيرٌ من المهانةِ ، وهي القلةُ . { وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } أي الكلامَ قالَه افتراءً عليهِ عليه السَّلامُ تنقيصاً له عليهِ السَّلامُ في أعينِ النَّاسِ باعتبارِ ما كانَ في لسانِه عليهِ السَّلامُ من نوعِ رتةٍ وقد كانتْ ذهبتْ عنْهُ لقولِه تعالى : { قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ } [ سورة طه ، الآية 36 ] وأمْ إمَّا منقطعةٌ والهمزةُ للتقريرِ كأنَّه قالَ إثرَ ما عدَّدَ أسبابَ فضلِه ومبادِي خيريتِه أثبتَ عندكُم واستقرَّ لديكُم أنِّي أنَا خيرٌ وهذه حالِي منْ هَذا الخ وإمَّا متصلةٌ فالمَعْنى أفلاَ تْبصرونَ أمْ تبصرونَ خلا أنه وضعَ قولُه : { أَنَا خَيْرٌ } موضعَ تبصرونَ لأنَّهم إذا قالُوا له أنتَ خيرٌ فهُو عندَهُ بُصَراءُ ، وهذا من بابِ تنزيلِ السبب منزلة المسبب ، ويجوز أن يجعل من تنزيل المسبَّب منزلة السبب فإن إبصارِهم لما ذُكرَ من أسبابِ فضله سببٌ على زعمِه لحُكمِهم بخيريتهِ .