إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَإِنَّهُۥ لَعِلۡمٞ لِّلسَّاعَةِ فَلَا تَمۡتَرُنَّ بِهَا وَٱتَّبِعُونِۚ هَٰذَا صِرَٰطٞ مُّسۡتَقِيمٞ} (61)

{ وَأَنَّهُ } وإنَّ عيسَى { لَعِلْمٌ للسَّاعَةِ } أي إنَّه بنزولِه شرطٌ من أشراطِها ، وتسميتُه عِلماً لحصولِه به أو بحدوثِه بغيرِ أبٍ ، أو بإحيائِه المَوْتى دليلٌ على صحةِ البعثِ الذي هو معظمُ ما ينكرهُ الكفرةُ من الأمورِ الواقعة في الساعةِ وقُرِئ لَعَلمٌ أي علامةٌ وقُرِئ للعِلْم وقُرِئ لذِكرٌ على تسميةِ ما يُذكرُ بهِ ذكراً كتسميةَ ما يُعلمُ بهِ علماً . وفي الحديثِ : «إنَّ عيسَى عليهِ السَّلامُ ينزلُ على ثنيةٍ بالأرضِ المقدسةِ يقالُ لها أفيقُ وعليهِ مُمصَّرتانِ{[718]} وبيدِه حَرْبةٌ وبها يقتلُ الدجَّالَ فيأتِي بيتَ المقدسِ ، والنَّاسُ في صلاةِ الصُّبحِ فيتأخرُ الإمامُ فيُقدِّمُهُ عيسَى عليهِ السَّلامُ ويُصلِّي خلفَهُ على شريعةِ محمدٍ صلَّى الله عليهِ وسلَّم ثم يقتلُ الخنازيرَ ويكسرُ الصليبَ ويُخرِّبُ البِيعَ والكنائسَ ويقتلُ النَّصارَى إلا منْ آمنَ به » . وقيلَ : الضميرُ للقُرآنِ لِما أنَّ فيهِ الإعلامَ بالسَّاعةِ { فَلاَ تَمْتَرُنَّ بِهَا } فلا تشكُنَّ في وقوعِها { واتبعون } أيْ واتبعُوا هُدايَ أو شَرْعي أو رَسُولي ، وقيلَ : هُو قولُ الرسولِ مأموراً من جهتِه تعالَى { هذا } أي الذي أدعُوكم إليهِ أو القُرآنُ على أنَّ الضميرَ في إنَّه لهُ { صراط مسْتَقِيمٍ } موصلٌ إلى الحقِّ .


[718]:رواه ابن الأثير الجزري في النهاية في غريب الحديث جزء (4/336) بلفظ: في حديث عيسى عليه السلام "ينزل بين ممصرتين" الممصرة من الثياب: التي فيها صفرة خفيفة.