إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لَأٓتٖۖ وَمَآ أَنتُم بِمُعۡجِزِينَ} (134)

{ إِنَّ مَا تُوعَدُونَ } أي الذي توعدونه من البعث وما يتفرّع عليه من الأمور الهائلةِ ، وصيغةُ الاستقبال للدِلالة على الاستمرار التجددي { لآتٍ } لواقعٌ لا محالة كقوله تعالى : { إِنَّمَا تُوعَدُونَ لواقع } [ المرسلات ، الآية 7 ] وإيثارُه عليه لبيان كمالِ سرعةِ وقوعِه بتصويره بصورة طالبٍ حثيثٍ لا يفوته هاربٌ حسبما يُعرب عنه قولُه تعالى : { وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ } أي بفائتين ذلك وإن ركِبتم في الهرب متنَ كلِّ صَعْبٍ وذَلولٍ{[240]} كما أن إيثارَ صيغةِ الفاعلِ على المستقبل للإيذان بكمال قربِ الإتيان ، والمرادُ بيانُ دوامِ انتفاءِ الإعجازِ لا بيانُ انتفاءِ دوامِ الإعجاز فإن الجملة الاسميةَ كما تدل على دوام الثبوتِ تدل بمعونة المقام إذا دخل عليها حرفُ النفذِ على دوام الانتفاءِ لا على انتفاء الدوامِ كما حُقق في موضعه .


[240]:الصعب والذلول: صفتان للدابة إذا كانت صعبة الانقياد والركوب أو سهلة ذليلة. والمراد: بذلوا في الأمر كل طاقتهم.