إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمۡ ذُو رَحۡمَةٖ وَٰسِعَةٖ وَلَا يُرَدُّ بَأۡسُهُۥ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (147)

{ فَإِن كَذَّبُوكَ } قيل : الضمير لليهود لأنهم أقربُ ذِكراً ولذكر المشركين بعد ذلك بعنوان الإشراك ، وقيل : للمشركين ، فالمعنى على الأول إن كذبتْك اليهودُ في الحكم المذكورِ وأصروا على ما كانوا عليه من ادعاء قِدَم التحريم { فَقُلْ } لهم { رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسعة } لا يؤاخذكم بكل ما تأتونه من المعاصي ويُمهلكم على بعضها { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ } بالكلية { عَنِ القوم المجرمين } فلا تنكروا ما وقع منه تعالى من تحريمِ بعضِ الطيبات عليكم عقوبةً وتشديداً ، وعلى الثاني فإن كذبك المشركون فيما فُصل من أحكام التحليل والتحريمِ فقل لهم : ربُكم ذو رحمةٍ واسعة لا يعاجلكم بالعقوبة على تكذيبكم فلا تغتروا بذلك فإنه إمهالٌ لا إهمالٌ ، وقيل : ذو رحمةٍ للمطيعين وذو بأس شديد على المجرمين فأقيم مُقامَه قوله تعالى : { وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُهُ } الخ ، لتضمنه التنبيهَ على إنزال البأسِ عليهم مع الدلالة على أنه لا حقّ بهم البتةَ من غير صارفٍ يصرِفه عنهم أصلاً .