اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَإِن كَذَّبُوكَ فَقُل رَّبُّكُمۡ ذُو رَحۡمَةٖ وَٰسِعَةٖ وَلَا يُرَدُّ بَأۡسُهُۥ عَنِ ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡمُجۡرِمِينَ} (147)

قوله : " فإنْ كَذَّبُوكَ " [ الضَّمِير في " كَذَّبُوك " ] الظاهر عودُه على اليَهود ؛ لأنَّهم أقرب مذكور .

وقيل : يعود على المُشْركين ، لتقدُّم الكلام معهم في قوله : { نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ } [ الأنعام : 143 ] ، و{ أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ } [ الأنعام : 144 ] والمعنى : فإن كذَّبُوك في ادِّعَاء النُّبُوّة والرِّسَالة " فَقُلْ ربُّكُم ذو رَحْمَة واسِعَة " فلذك لا يُعَجِّل عليكم بالعُقوبة ، ثم أخبرهم بما أعَدَّ لهم ، من العذاب في الآخرة ، و " لا يردُّ بأسه " أي إذَا جَاء الوَقْت .

وقوله : " ذُو رَحْمةٍ " جيء بِهَذه الجمْلَة اسمِيَّة ، وبقوله " ولا يُرَدُّ بأسُهُ " فِعْليَّة [ تَنْبيهاً على مُبَالَغة سعَة الرَّحْمة ؛ لأن الاسْمِيَّة أدلُّ على الثُّبُوت والتَّوْكيد من الفِعْليَّة .

قوله : " عن القَوْم المُجْرِمين " يحتمل أن يكُون من وَضْع الظَّاهِر موضع المُضْمَر ]{[15508]} تنبيهاً على التَّسْجِيل عليهم بذلك ، والأصل : ولا يُرَد بَأسُه عنكم .

وقال أبُو البقاء{[15509]} : " فإن كَذَّبُوك " شَرْطٌ ، جوابه : " فَقُل رَبُّكُم ذُو رَحمَة وَاسِعَةٍ " والتقديرُ : " فقل يَصْفَح عَنْكُم بِتَأخير العُقُوبَة " وهذا تفسير معنى لا إعراب .


[15508]:سقط في أ.
[15509]:ينظر: الإملاء 1/264.