إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{يَوۡمَ يُكۡشَفُ عَن سَاقٖ وَيُدۡعَوۡنَ إِلَى ٱلسُّجُودِ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ} (42)

{ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ } أي يومَ يشتدُّ الأمرُ ويصعبُ الخطبُ ، وكشفُ الساقِ مَثَلٌ في ذلكَ وأصلُهُ تشميرُ المُخدَّراتِ عن سُوقهِنَّ في الهربِ ، قالَ حاتمٌ : [ الطويل ]

أخُو الحربِ إنْ عضَّتْ بهِ الحربُ عَضَّها *** وإنْ شمَّرتْ عنْ ساقِهَا الحربُ شَمَّرا

وقيلَ ساقُ الشيءِ أصلُهُ الذي بهِ قوامُه كساقِ الشجرِ وساقِ الإنسانِ ، أيْ يومَ يُكشفُ عن أصلِ الأمرِ فتظهرُ حقائقُ الأمورِ وأصولُهَا بحيثُ تصيرُ عياناً ، وتنكيرُهُ للتهويلِ أو التعظيمِ . وقُرِئَ تَكْشِفُ بالتاءِ على البناءِ للفاعلِ والمفعولِ ، والفعلُ للساعةِ أو الحالِ ، وقُرِئَ نَكْشِفُ بالنونِ وتُكْشِفُ بالتاءِ المضمومةِ وكسرِ الشِّينِ من أكشفَ الأمرُ أي دخلَ في الكشفِ . وناصبُ الظرفِ فليأتُوا ، أو مضمرٍ مقدمٍ أي اذْكُر يومَ الخ . أو مؤخرٍ أي يومَ يكشفُ عن ساقٍ الخ . يكونُ من الأهوالِ وعظائمِ الأحوالِ ما لا يبلغُه الوصفُ { وَيُدْعَوْنَ إِلَى السجود } توبيخاً وتعنيفاً على تركهِم إيَّاهُ في الدُّنيا وتحسيراً لهُم على تفريطِهِم في ذلكَ { فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ } لزوالِ القدرةِ عليهِ ، وفيهِ دلالةٌ على أنَّهُم يقصدونَ السجودَ فلا يتأتَّى منهُم ذلكَ . عنِ ابنِ مسعُودٍ رضيَ الله عنْهُ تعقمُ أصلابُهُم أي تُردُّ عظاماً بلا مفاصلٍ لا تنثني عندَ الرَّفعِ والخفضِ . وفي الحديثِ وتبقَى أصلابُهُم طَبقاً واحِداً أي فَقارةٌ واحدةٌ .