إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَنُيَسِّرُكَ لِلۡيُسۡرَىٰ} (8)

{ وَنُيَسرُكَ لليسرى } عطفٌ على نُقرئكَ كما ينبئُ عنه الالتفاتُ إلى الحكايةِ وما بينهما اعتراضٌ واردُ لما ذُكرَ من التعليلِ وتعليقٌ التيسيرِ به عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ مع أنَّ الشائعَ تعليقُه بالأمورِ المسخرةِ للفاعلِ كما في قولِه تعالى : { وَيَسّرْ لِي أَمْرِي } [ سورة طه ، الآية 26 ] للإيذانِ بقوةِ تمكينِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ من اليُسرى والتصرفِ فيها بحيثُ صارَ ذلكَ ملكةً راسخةً له كأنَّه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ جُبلَ عليها كما في قولِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ : «اعملُوا فكُلٌّ ميسرٌ لِمَا خُلقَ له »{[842]} . أي نوفقكَ توفيقاً مستمراً للطريقةِ اليُسرى في كُلِّ بابٍ من أبوابِ الدينِ علماً وتعليماً واهتداءً وهدايةً فيندرجُ فيه تيسيرُ طريقِ تلقِّي الوَحْي والإحاطةِ بما فيه منْ أحكامِ الشريعةِ السمحةِ والنواميسِ الإلهيةِ مما يتعلقُ بتكميل نفسِه عليه الصلاةُ والسَّلامُ وتكميلِ غيرِه ، كما تفصحُ عنه الفاءُ في قولِه تعالى : { فَذَكّرْ إِن نَّفَعَتِ الذكرى } .


[842]:أخرجه البخاري في كتاب التفسير سورة (92)، الباب (7) وفي كتاب القدر باب (2) وفي كتاب التوحيد باب (54)؛ كما أخرجه مسلم في كتاب القدر حديث (7، 9)؛ وأبو داود في كتاب السنة باب (16) والترمذي في كتاب القدر باب (3)؛ وابن ماجه في المقدمة باب (10) وفي كتاب التجارات باب (2)؛ وأحمد في المسند (1/6)، (4/427، 431).