إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{فَمَهِّلِ ٱلۡكَٰفِرِينَ أَمۡهِلۡهُمۡ رُوَيۡدَۢا} (17)

{ فَمَهّلِ الكافرين } أي لا تشتغلْ بالانتقامِ منهم ولا تدعُ عليهم بالهلاكِ أو لا تستعجلْ بهِ والفاءُ لترتيبِ ما بعدها عَلى ما قبلها فإنَّ الإخبارَ بتوليهِ تعالى لكيدهم بالذاتِ مما يوجبُ إمهالَهم وتركَ التصدِّي لمكايدتِهم قطعاً وقولُه تعالى { أَمْهِلْهُم } بدلٌ من مَهِّل وقولُه تعالى : { رُوَيْداً } إما مصدرٌ مؤيدٌ لمعنى العاملِ أو نعتٌ لمصدرِه المحذوفِ أي مهلهم إمهالاً رُويداً أي قريباً كما قالَه ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنْهُما أو قليلاً كما قاله قَتادةُ قال أبو عبيدةَ هُو في الأصلِ تصغيرُ رُود بالضمِّ وأنشدَ : [ البسيط ]

[ تكاد لا تثلم البطحاء وطأتها ] *** كأنَّها ثَمِلٌ تَمشي عَلى رُودِ{[838]}

أي على مهلٍ وقيل : تصغيرُ ارْوَادٍ مصدر أَرْوَدَ بالترخيمِ وله في الاستعمالِ وجهانِ آخرانِ كونُه اسمَ فعلٍ نحوُ رويدَ زيداً وكونُه حالاً نحو سارَ القومُ رويداً أَي متمهلينَ وفي إيرادِ البدلِ بصيغةٍ لا تحتملُ التكثيرَ وتقييدُه برويداً على أحدِ الوجهينِ المذكورينِ من تسليةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وتسكينِ قلبِه ما لا يَخْفى .

ختام السورة:

وعنْهُ صلى الله عليه وسلم : «من قرأَ سورةَ الطارقِ أعطاهُ الله تعالى بعددِ كلِّ نجم في السماءِ عشرَ حسناتٍ » والله أعلمُ .


[838]:وهو للجموح الظفري في شرح أشعار الهذليين (ص872)؛ ولسان العرب (رود)؛ وتاج العروس (8/123) (رود)، وأساس البلاغة (ص183) (رويد) وبلا نسيبة في لسان العرب (رأد)؛ ومقاييس اللغة (2/458)؛ وتاج العروس (8/80) (رأد).