إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{كَلَّاۖ بَل لَّا تُكۡرِمُونَ ٱلۡيَتِيمَ} (17)

{ كَلاَّ } ردعٌ للإنسانِ عن مقالتِه المحكيةِ وتكذيبٌ له فيهَا في كلتَا الحالتينِ قالَ ابنُ عباسٍ رضيَ الله عنهُمَا المَعْنى لم أبتله بالغِنَى لكرامتِه عليَّ ولم أبتلِه بالفقرِ لهوانِه عليَّ بلْ ذلكَ لمحضِ القضاءِ والقدرِ ، وحملُ الردعِ والتكذيبِ إلى قولِه الأخيرِ بعيدٌ . وقولُه تعالَى : { بَل لا تُكْرِمُونَ اليتيم } انتقالٌ من بيانِ سوءِ أقوالِه إلى بيانِ سوءِ أفعالِه والالتفاتُ إلى الخطابِ للإيذانِ باقتضاءِ ملاحظةِ جنايته السابقةِ لمشافهتِه بالتوبيخِ تشديداً للتقريعِ وتأكيداً للتشنيعِ والجمعُ باعتبارِ مَعْنى الإنسانِ إذِ المرادُ هو الجنسُ أي بَلْ لكم أحوالٌ أشدُّ شَراً مما ذُكِرَ وأدلُّ عَلى تهالُكِكم على المالِ حيثُ يُكْرمكم الله تعالَى بكثرةِ المالِ فلاَ تُؤدونَ ما يلزمكُم فيهِ من إكرامِ اليتيمِ بالمبرةِ به وقُرِئَ لا يكرمونَ .