فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{كَلَّاۖ بَل لَّا تُكۡرِمُونَ ٱلۡيَتِيمَ} (17)

وقوله : { كلا } ردع للإنسان القائل في الحالتين ما قال وزجر له ، فإن الله سبحانه قد يوسع الرزق ويبسط النعم للإنسان لا لكرامته ، ويضيقه عليه لا لإهانته بل للإختبار والإمتحان كما تقدم ونحوه قوله تعالى : { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } قال الفراء " كلا " في هذا الموضع بمعنى أنه لم يكن ينبغي للعبد أن يكون هكذا ولكن يحمد الله على الغنى والفقر .

ثم انتقل سبحانه من بيان سوء أقوال الإنسان إلى بيان سوء أفعاله فقال :

{ بل لا تكرمون اليتيم } والالتفات إلى الخطاب لقصد التوبيخ والتقريع على قراءة الجمهور بالفوقية ، وقرئ بالتحتية على الخبر ، وهكذا اختلفوا فيما بعد هذا من الأفعال ، فقرأ الجمهور تحضون وتأكلون وتحبون بالفوقية على الخطاب فيها ، وقرئ بالتحتية فيها والجمع في هذه الأفعال باعتبار معنى الإنسان لأن المراد به الجنس أي بل لكم أفعال هي أقبح مما ذكر ، وهي أنكم تتركون إكرام اليتيم فتأكلون ماله وتمنعونه من فضل أموالكم ، قال مقاتل نزلت في قدامة بن مظعون وكان يتيما في حجر أمية ابن خلف .