إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَٱلسَّـٰبِقُونَ ٱلۡأَوَّلُونَ مِنَ ٱلۡمُهَٰجِرِينَ وَٱلۡأَنصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُ وَأَعَدَّ لَهُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي تَحۡتَهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ خَٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدٗاۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (100)

{ والسابقون الأولون مِنَ المهاجرين } بيانٌ لفضائل أشرافِ المسلمين إثرَ بيانِ فضيلةِ طائفةٍ منهم ، والمرادُ بهم الذين صلَّوا إلى القبلتين أو الذين شهِدوا بدْراً أو الذين أسلموا قبل الهجرة { والأنصار } أهلُ بَيْعةِ العقبةِ الأولى وكانوا سبعين رجلاً والذين آمنوا حين قدم عليهم أبو زُرارةَ مصعبُ بنُ عمير . وقرئ بالرفع عطفاً على والسابقون { والذين اتبعوهم بِإِحْسَانٍ } أي ملتبسين به ، والمرادُ به كلُّ خَصلةٍ حسنة وهم اللاحقون بالسابقين من الفريقين على أن ( من ) تبعيضيةٌ أو الذين اتبعوهم بالإيمان والطاعةِ إلى يوم القيامة ، فالمرادُ بالسابقين جميعُ المهاجرين والأنصارِ ومن بيانية { رضِي الله عَنْهُمْ } خبرٌ للمبتدأ أي رضي الله عنهم بقَبول طاعتِهم وارتضاءِ أعمالِهم { وَرَضُواْ عَنْهُ } بما نالوه من رضاه المستتبِعِ لجميع المطالبِ طراً { وَأَعَدَّ لَهُمْ } في الآخرة { جنات تَجْرِي تَحْتَهَا الأنهار } وقرئ من تحتها كما في سائر المواقع { خالدين فِيهَا أَبَداً } من غير انتهاءٍ { ذلك الفوز العظيم } الذي لا فوزَ وراءه وما في اسم الإشارةِ من معنى البُعد لبيان بُعدِ منزلتِهم في مراتب الفضلِ وعظمِ الدرجةِ من مؤمني الأعراب .