{ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } في الدنيا .
وروى أنس " عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية قال : عن لا إله إلاّ الله " .
قال عبد الله : والذي لا إله غيره ما منكم من أحد إلاّ سيخلو الله تعالى به يوم القيامة ، [ كما يخلو أحدكم بالقمر ليلة البدر ] فيقول : يابن آدم ماذا غرك مني ، يابن آدم ما عملت فيما علمت ، يابن آدم ماذا أجبت المرسلين .
واعترضت الملحدة بأبصار كليلة وأفهام عليلة على هذه الآية على قوله :
{ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمن : 39 ] وحكموا عليهما بالتناقض .
والجواب عنه : ما روي عن علي بن أبي طلحة عن ابن عبّاس في قوله : { لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } وقوله :
{ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ إِنسٌ وَلاَ جَآنٌّ } [ الرحمن : 39 ] . قال : لانسألهم هل عملتم كذا وكذا ، لأنه أعلم بذلك منهم ، ولكن يقول لهم : لِمَ عملتم كذا وكذا ؟ واعتمد قطرب هذا القول ، وقال : السؤال على ضربين : سؤال استعلام واستخبار ، وسؤال توبيخ وتقرير . فقوله :
{ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ عَن ذَنبِهِ } [ الرحمن : 39 ] يعني استعلاماً واستخباراً ، لأنه كان عالماً بهم قبل أن يخلقهم . وقوله : { لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } يعني تقريعاً وتقريراً ليريهم القدرة في تعذيبنا إياهم .
وقال عكرمة : سألت مولاي عبد الله بن عبّاس عن الآيتين ، فقال : إن يوم القيامة يوم طويل وفيه مواقف ، يسألون في بعض المواقف ولا يسألون في بعضها . ونظيره قوله :
{ هَذَا يَوْمُ لاَ يَنطِقُونَ } [ المرسلات : 35 ]وقال في آية أخرى :
{ ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ } [ الزمر : 31 ] .
{ فَيَوْمَئِذٍ لاَّ يُسْأَلُ } [ الرحمن : 39 ] إذا كان المذنب مكرهاً مضطراً ، و { لَنَسْأَلَنَّهُمْ } إذا كانوا مختارين ، وقيل : لا يسأل إذا كان الذنب في حال الصبى أو الجنون أو النوم ، بيانه قوله صلى الله عليه وسلم : " رفع القلم عن ثلاث " وقولهم : لنسألنهم ، إذا كان عملهم خارجاً من هذه الأحوال ، وقيل : لا يسأل إذا كان الذنب في حال الكفر .
وقوله : { لَنَسْأَلَنَّهُمْ } يعني المؤمنين ، بيانه قوله :
{ قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُمْ مَّا قَدْ سَلَفَ } [ الأنفال : 38 ] وقوله صلى الله عليه وسلم : " إن الاسلام يجبّ ما قبله " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.